من صور الإحسان

عن أبي هريرة شداد بن أوس رضي الله عنه ، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم  قال: «إن الله كتب الإحسان على كل شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القتلة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذبحة، وليحد أحدكم شفرته وليرح ذبيحته».

©  المباحث اللغوية:

كتب: فرض وأوجب.

الإحسان: هو في الأصل الإتقان، والمراد ما حسنه الشرع وجعله حسنًا.

القتلة: بكسر القاف والمراد هنا القتل.

ليُحدّ: بضم الياء وكسر الحاء وتشديد الدال.

شفرته: سكينه.

©  توجيهات الحديث:

1-    يحرص الإسلام على أمر الناس بكل خير ونهيهم عن كل شر.

2-    فرض الله تعالى الإحسان في كل شيء وجعله مبدأ من مبادئه قال تعالى: { إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ } [النحل: 90].

3-    أعلى أنواع الإحسان، الإحسان في عبادة الله تعالى، فهو أعلى مراتب الدين، وقد فسّره الرسول صلى الله عليه وسلم  - كما في حديث جبريل المشهور – أن تعبد الله كأنك تراه فإن لم تكن تراه فإنه يراك. فإذا جمع الإنسان لبّه وشعوره أثناء مباشرته للعبادة واستشعر أن الله يراه حصّل أعلى مراتب الدين.

4-    والإحسان في حق الناس والحيوان والأشياء أنواع منها:

أ- من أعلاها الإحسان إلى الوالدين ببرهما والقيام بحقوقهما القولية والفعلية والمالية وغيرها قال تعالى: {وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا} [الإسراء: 23].

ب- ومنه الإحسان إلى عامة الناس ابتداء بالأقربين والأرحام والجيران بالقيام بحقوقهم وزيارتهم والسؤال عنهم وإهداء الهدايا لهم والعطف على صغيرهم والصدقة على فقيرهم ومواساة محتاجهم وغير ذلك، ثم عامة المسلمين.

ج- ومنه الإحسان إلى الكفار بدعوتهم إلى الإسلام، ومعاملتهم بالتي هي أحسن، والتخلق معهم بالأخلاق الكريمة، قال تعالى: {وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا} [البقرة: 83].

د- ومنه الإحسان إلى الحيوان بعدم إيذائه، وبسد جوعه؛ وبإرواء ظمئه ونحو ذلك، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «وفي كل كبد رطبة أجر». وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «دخلت امرأة النار في هرة لا هي أطعمتها، ولا هي تركتها تأكل من خشاش الأرض».

هـ- ومنه الإحسان في الأشياء كإتقان العمل الموكل إلى الإنسان، جاء في الأثر: «إن الله يحب إذا عمل أحدكم عملًا أن يتقنه».

5-    دلَّ الحديث أن من صور الإحسان إلى الحيوان الإحسان إليه حال ذبحه بحد الشفرة، وإراحة الذبيحة، وعدم إبراز السكين له إلا عند الذبح.

6-    ومن صور الإحسان المذكورة في الحديث الإحسان حال القتل عند الحرب؛ ولذلك استنبط أهل العلم عدم جواز التمثيل بالمقتول قبل القتل أو بعده.

7-    جزاء الإحسان عظيم وكبير عند الله تعالى، قال تعالى: {هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ} [الرحمن: 60]. وقال تعالى: {وَأَحْسِنُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [البقرة: 195]. وقال سبحانه: {إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ} [الأعراف: 56]. فما على المسلم إلا أن يحسن في عبادته ومعاملاته مع الأقربين والأبعدين لينال محبة الله ورحمته ورضوانه.



بحث عن بحث