الصدقة عن النفس

عن أبي هريرة رضي الله عنه  قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «كل سلامى من الناس عليه صدقة، كل يوم تطلع فيه الشمس: تعدل بين اثنين صدقة، وتعين الرجل في دابته فتحمله عليها أو ترفع له متاعه صدقة، والكلمة الطيبة صدقة، وبكل خطوة تمشيها إلى الصلاة صدقة، وتميط الأذى عن الطريق صدقة».

©  المباحث اللغوية:

كل سلامى: السلامى: عظام الكف والأصابع والأرجل، والمراد في هذا الحديث جميع أعضاء جسم الإنسان ومفاصله، وهي ثلاث مائة وستون عضوًا.

تعدل بين اثنين: تحكم بين اثنين بالعدل.

تميط الأذى: تزيل الأذى عن طريق المارة.

©  توجيهات الحديث:

1-    عظم خلق الله سبحانه وتعالى، حيث خلق هذا الإنسان وجعل مفاصله وأعضاءه على أحسن تنسيق، وخلق في أحسن تقويم – ولذلك أمره أن يتفكر في نفسه فقال: ﴿ وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ [الذاريات: 21].

2-    نعم الله سبحانه وتعالى على الإنسان كثيرة لا تعد ولا تحصى، ومن هذه النعم سلامة أعضاء جسمه، فهي نعمة كبرى تستحق الشكر والثناء لله سبحانه وتعالى، إذ هو المنعم المتفضل، ولذا يجب على المسلم أن لا تلهيه العافية والصحة عن الشكر لربه ﻷ.

والشكر يكون:

أ- باللسان وذلك بالثناء على الله سبحانه وحمده وإسداء النعمة له.

ب- بالقلب وذلك باعتقاد أن هذه النعم من الله سبحانه وتعالى وليست من غيره.

ج – بالجوارح وذلك بعمل الطاعات واجتناب المعاصي.

3-    من فضل الله تعالى أن جعل العبادة التي يتقرب بها العبد إلى ربه سبحانه وتعالى من الشكر الواجب على العبد فعله، وشاهد هذا فعل النبي صلى الله عليه وسلم  حيث كان يقوم الليل حتى تفطرت قدماه، فتقول له عائشة: لم تفعل هذا وقد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر، فيقول: «أفلا أكون عبدًا شكورًا».

فإذا قام العبد بهذا الشكر زاد ثوابه وأجره. وهذا من مزيد كرم الله تعالى على عباده.

4-    ومن فضل الله تعالى أن فاضل بين الأعمال المستحبة، ومن أفضلها ما هو مذكور في هذا الحديث الشريف، وجامعها ما كان نفعًا للآخرين، والعمل كل ما أدى نفعه إلى الآخرين كان أكثر أجرًا وثوابًا، إذ إن من سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة.

5-    دلَّ الحديث على فضل هذه الأعمال المذكورة فيه، وهي:

أ- العدل بين المتخاصمين والمتهاجرين، قال تعالى: ﴿ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ [الحجرات: 10].

ب- مساعدة الرجل في دابته أو سيارته، وهذا من التعاون على البر والتقوى الذي أمر به الإسلام وحث عليه.

ج- الكلمة الطيبة وهي من أفضل الوسائل المعينة على صفاء القلوب ونقاوتها وإبعاد الشحناء والبغضاء. قال تعالى: ﴿ قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ يَتْبَعُهَا أَذًى وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَلِيمٌ [البقرة: 263].

د- المشي إلى الصلاة لأداء هذا الركن العظيم، روي عن أبي هريرة رضي الله عنه  قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «من غدا إلى المسجد أو راح أعدَّ الله له نزلًا كلما غدا أو راح».

هـ- إماطة الأذى عن الطريق، وإزالة كل ما يؤذي في طريق المارة، وتنظيف طرقات المسلمين، في ذلك أجر وثواب مضاعف، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «الإيمان بضع وسبعون شعبة، أعلاها شهادة أن لا إله إلا الله، وأدناها: إماطة الأذى عن الطريق».

و- جاء في بعض الروايات: «ويجزئ من ذلك ركعتا الضحى يركعهما».

6-    ينبغي للمسلم ألا يحرم نفسه من المشاركة في هذه الأعمال الجليلة، حتى ينال الأجور الكثيرة والثواب العظيم، ويكون عضوًا فاعلًا في مجتمعه، ومحبًّا للآخرين، ومحبوبًا لديهم.



بحث عن بحث