علاقة المستشرقين بالمذاهب والفرق القديمة والحديثة

إن الشبهات التي تثار حول السنة النبوية من الطعن في رواتها والتشكيك في متون الأحاديث، إنما مصدرها في الحقيقة واحد، وإن اختلفت صورها وأشكالها، أو تباينت أفكار أصحابها، أو تباعدت أعصارهم وأمصارهم، فإنهم جميعًا يجتمعون ويشتركون في الشبهة غالبًا.

فظهر هؤلاء الأعداء بصور متعددة قديمًا وحديثًا، ففي القديم كانوا متمثلين في المعتزلة، وبعض الطوائف التي ظهرت وتنادي بالرجوع إلى القرآن فحسب، وامتد فكر هذه الطوائف لفترة طويلة ما بين مد وجزر، إلى أن هيأ الله تعالى للأمة علماء وأمراء مخلصين تمكنوا من كشف أكاذيبهم ومآربهم، إلا أن هذا التيار بقي على نحو ضعيف، إلى أن ظهرت في العصر الحديث طائفة محدودة من هؤلاء تنادي بالمنهج نفسه، وهم الذين نسميهم العقلانيين، فهؤلاء امتداد لأولئك الأعداء من المعتزلة وغيرهم ممن يسمون أنفسهم بالقرآنيين.

ويجدر بنا أن نتطرق إلى علاقة هذه الفرق القديمة والحديثة بالاستشراق والمستشرقين، ونبين بعض النقاط المشتركة بينهم باختصار شديد:

1 – الاستشراق والمعتزلة :

إن المعتزلة تشترك في قدر كبير مع المستشرقين في قضية أساسية وهي التشكيك في صحة الأحاديث، وإلقاء ظلال الظن والريب على معظم الأحاديث النبوية، فمنهم من لا يعتد الأحاديث مطلقًا، المتواتر والآحاد منها، وهم المتشددون منهم، فقد روى البغدادي : عن النظام قوله: «الخبر المتواتر مع خروج ناقليه عن سامع الخبر عن الحصر ومع اختلاف همم الناقلين واختلاف دواعيها يجوز أن يقع كذبًا».

وقد أنكر النظام ما روي في معجزات النبي صلى الله عليه وسلم من انشقاق القمر وتسبيح الحصى في يده وكذلك نبع الماء من بين أصابعه، ليتوصل بذلك إلى إنكار النبوة.

أما الهذيلية الذين هم أتباع أبي الهذيل محمد بن الهذيل المعروف بالعلاف وهم فرقة من المعتزلة إلا أنهم أقل تشددًا من النظامية، الذين يقولون إن الحجة من طريق الأخبار فيما غاب عن الحواس من آيات الأنبياء عليهم السلام وفيما سواها لا تثبت بأقل من عشرين نفسًا فيهم واحد من أهل الجنة أو أكثر، ولم يوجب بأخبار الكفرة والفسقة حجة وإن بلغوا عدد المتواتر الذين لا يمكن تواطؤهم على الكذب إذا لم يكن فيهم واحد من أهل الجنة، وزعم أن خبر ما دون الأربعة لا يوجب حكمًا، ومن فوق الأربعة إلى العشرين قد يصح بوقوع العلم بخبرهم، وقد لا يقع العلم بخبرهم، وخبر العشرين إذا كان فيهم واحد من أهل الجنة يجب وقوع العلم منه لا محالة، واستدلوا على أن العشرين حجة بقول الله تبارك وتعالى: {إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صَابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ}[الأنفال: 65] حيث لم يبح لهم قتالهم إلا وهم عليهم حجة.

وأما ما ورد في السنة وغاب عن الحس والبصر فإنه مرفوض عندهم تمامًا، كالقبر وعذابه ونزول المنكر والنكير على الميت.

ويلاحظ مما سبق أن المعتزلة يشتركون مع المستشرقين في التشكيك في رواة الحديث، وإن بلغ عددهم التواتر، وكذلك أحاديث الآحاد، والأحاديث التي وردت في أمور الغيب وحال الإنسان بعد الموت، وهذا يدل على أن الفكر الاستشراقي المعاصر هو امتداد متواصل مع الفكر المعتزلي في ذلك الوقت أو معتمد عليه.

2 - الاستشراق والقرآنيون:

لقد ظهرت بعد جيل الصحابة في القرن الثاني للهجرة فرق ومذاهب شتى تدعو كل منها إلى بعض الآراء والأطروحات التي مزقت الأمة وشتت وحدتها وأضاعت أحكام دينها التي كان عليها الجيل الذي قبلهم وهو جيل الصحابة رضوان الله تعالى عليهم، حيث برزت في الساحة طائفة تنكر حجية السنة مطلقًا وطائفة أخرى تنكر خبر الآحاد، ودعت هذه الطوائف إلى الاحتكام إلى القرآن وحده، دون اعتبار للسنة، لأن القرآن هو كلام الله المنزل الشامل والمفصل لكل شيء، محتجين بذلك على بعض الآيات القرآنية، والتحليلات العقلية، وقد كان للإمام الشافعي باع طويل في مناقشة هذه الأفكار والمزاعم في كتابه «الأم» الذي جاء فيه حوار مطول بين الشافعي وبين منكر للسنة الذي استسلم في النهاية لقول الشافعي وقبول الحق.

وقد أخبر الرسول صلى الله عليه وسلم عن هذه الفئة من الناس في قوله: «ألا إني أوتيت الكتاب ومثله معه، ألا يوشك رجل شبعان على أريكته يقول: عليكم بهذا القرآن فما وجدتم فيه من حلال فأحلوه وما وجدتم فيه من حرام فحرموه».

وهناك علاقة وثيقة بين هؤلاء الذين يسمون بالقرآنيين - وهم بعيدون عن القرآن– وبين المستشرقين، ويشتركون معًا في كثير من العقائد والتصورات والتي كان المعتزلة سبقوهم لها، وقد كانت لمجلة «المنار» لرشيد رضا السبق في نشر مثل هذه الشبه والأباطيل في مقالة للدكتور «توفيق صدقي» تحت عنوان «الإسلام هو القرآن وحده» وهذه بعض الأباطيل التي فرزتها المراكز الاستشراقية وعناصرها وتبعها مجموعة من بني قومنا، وهي:

أولاً: تفسيرهم لقوله تعالى: {مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ} [الأنعام : 38]. وقوله جل وعلا: وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ} [النحل : 89].

أي أن القرآن قد احتوى الدين كله أحكامًا ومعاملات وعبادات بشكل مفصل وواضح، فلا يحتاج هذا القرآن إلى شيء آخر كالسنة مثلاً، وإلا يكن هذا الكتاب بيانًا وتبيانًا لأمور الدين كلها.

وهذا تفسير في غير موضعه، لاحتواء القرآن الكريم على كثير من الأحكام العامة والقواعد الكلية، إلا أنه ترك كثيرًا من الأحكام مجملة ترك بيانها وتفسيرها للرسول صلى الله عليه وسلم، وأمر بعد ذلك المؤمنين باتباع هذا النبي وطاعته، فجاءت آيات كثيرة تحث على ذلك وتدعو الأمة إلى الالتفاف حوله – عليه الصلاة والسلم – وهذا لا ينافي مطلقًا أن يكون القرآن حجة والسنة أيضًا حجة، لأن ما يرد في القرآن قد يرد في السنة على سبيل التأكيد والأهمية، وقد يأتي في القرآن أحكام تحتاج إلى البيان والتوضيح من رسول الله صلى الله عليه وسلم، لقوله تعالى: {بِالْبَيِّنَاتِ وَالزُّبُرِ وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ}[النحل : 44] .

وروي أن عمران حصين كان جالسًا ومعه أصحابه فقال رجل من القوم: «لا تحدثونا إلا بالقرآن، قال فقال له: ادنه فدنا، فقال: أرأيت لو وكلت أنت وأصحابك إلى القرآن أكنت تجد في صلاة الظهر أربعًا وصلاة العصر أربعًا والمغرب ثلاثًا تقرأ في اثنتين؟ أرأيت لو وكلت أنت وأصحابك إلى القرآن، أكنت تجد الطواف بالبيت سبعًا والطواف بالصفا والمروة؟ ثم قال: أي قوم خذوا عنا فإنكم والله إن لا تفعلوا لتضلن».

ثانيًا: تفسيرهم لقوله تعالى: {إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ}[الحجر:9].

بأن الآية دليل على أن الله تعالى تكفل بحفظ القرآن فحسب دون السنة النبوية، فلو كانت السنة حجة لتكفل الله بحفظها أيضًا.

وهذا التفسير كثيرا ما يتوافق مع أقوال كثير من المستشرقين الذين يثيرون الشبه والأباطيل حول ظنية السنة وأنها تعرضت للضياع والزيادة والنقصان، كما تعرضت للوضع والتحريف حسب ما كانت تمليه الظروف السياسية للأمراء والخلفاء، وهذا يتوافق تمامًا مع قول برنارد لويس – الذي أشرنا إليه سابقًا -: «ثمة دوافع للتحريف المتعمد لأن الفترة التي تلت وفاة الرسول [صلى الله عليه وسلم] شهدت تطورًا شاملاً في حياة المجتمع الإسلامي، فكان تأثر المسلمين بالشعوب المغلوبة بالإضافة إلى الصراعات بين الأسر والأفراد كل ذلك أدى إلى وضع الحديث».

وحقيقة إن هذا التأويل لكلام الله بما لا يحتمل من قبل هؤلاء المتأثرين بالتغريب وأفكارهم، ضرب من العجز العلمي أو النقص والشعور بالدونية يدفعهم للسير وراء مقولات أعداء الدين من اليهود والنصارى وأهوائهم، وإلا فكيف يقال إن حفظ الله لكتابه يعني عدم حفظه لسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وهل يفسر الذكر بالقرآن فحسب، أم هو الدين الإسلامي كله بما فيه السنة النبوية المطهرة؟ وكيف يفسر قوله تعالى: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [النحل:43]؟ وأهل الذكر هم علماء الأمة الربانيون الذين حفظ الله على أيديهم هذا الدين من التحريف من كتابه العزيز وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم. هذه من جهة، أما من الجهة الأخرى فقد ورد كلمة الذكر في مواضع أخرى من القرآن الكريم، وهي تشير إلى إبطال تفسير هؤلاء المغرضين، فهذه الآية الكريمة: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ} [النحل:44]، دليل على أن من أهم مهام الرسول صلى الله عليه وسلم توضيح أمور الدين للناس ابتداء من العقيدة وانتهاء بأدق الأحكام والآداب.

ولو سردنا أحكام الدين التي تحتاج الأمة إلى بيانها وتفصيلها من القرآن لاحتاج ذلك إلى حيز واسع من الكتاب، ولكن نشير إلى بعض تلك الأحكام والفرائض بشيء من الاختصار، فالصلاة التي جاءت في القرآن مجملة دون تفصيل {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ}[البقرة:43]، بحاجة إلى بيان كيفية أدائها بالأقوال والحركات، والرسول عليه الصلاة والسلام هو الوحيد الذي يوضح للأمة هذه الكيفية، وكذلك قوله تعالى: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا} [آل عمران: 97]، فلولا السنة لاختلط كيفية أداء هذا النسك العظيم بالشركيات وأهواء الناس وكل واحد يؤديه حسب فهمه الخاص، ولكن الرسول عليه الصلاة والسلام علّم الأمة هذه الكيفية بحجته صلى الله عليه وسلم وقوله للصحابة: «خذوا عني مناسككم»، فالسنة بوصفها تبين وتوضح الأحكام المجملة في القرآن، إلا أنها تؤدي دورًا مهمًا في وحدة الأمة وترابط أبنائها على أداء العبادات بصورة واحدة لا تمايز في لأحد على آخر، مما يؤدي بالتالي إلى جعلها كالجسد الواحد، في أعمالها وأقوالها ومشاعرها، ويتحقق بذلك قوله صلى الله عليه وسلم: «مثل الجسد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى».

إن المستشرقين وأذنابهم ممن يسمون بالقرآنيين إما يجهلون هذه المعاني والأحكام، أو أنهم يقصدون ذلك لتمزيق صف الأمة الواحد، وإفشاء روح التشكيك في نفوس المسلمين تجاه أهم مصدر لدينهم وهو السنة.

ثالثًا: قولهم بما أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يأمر بكتابة السنة أو جمعها وحفظها في قراطيس فهذا يدل على أن السنة ليست بحجة، ولأن السنة بعد ذلك صارت ظنية الثبوت فلا يصح الاحتجاج بها، لقوله تعالى: {وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ} [الإسراء: 36] ، وقال: {إِنْ تَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ} [الأنعام: 148]. لأن القطع لا يكون إلا بكتابتها وحفظها من التحريف والزيادات مثل القرآن، ومن أجل ذلك أمر النبي صلى الله عليه وسلم بعدم كتابة السنة ومحو ما كُتب، منها:

أ - فقد أخرج الحاكم عن عائشة أن أبا بكر رضي الله عنه  أحرق خمسمائة حديث كتبها، وقال: «خشيت أن أموت فيكون فيها أحاديث عن رجل ائتمنته ووثقت به ولم يكن كما حدثني فأكون قد نقلت ذلك».

ب – فعل زيد بن ثابت عندما دخل على معاوية فسأله معاوية عن حديث فأخبره به، فأمر معاوية إنسانًا بكتبه فقال له زيد: إن رسول الله أمرنا ألا نكتب شيئًا من حديثه فمحاه.

ج – لقد عزم عمر رضي الله عنه  مرة أن يكتب السنن ثم عدل عن ذلك وقال: «إني كنت أريد أن أكتب السنن فإني ذكرت قومًا كانوا قبلكم كتبوا كتبًا فأكبوا عليها وتركوا كتاب الله، وإني – والله – لا أشوب كتاب الله بشيء أبدًا».

د – طلب علي رضي الله عنه  ممن كتب أي شيء من الحديث أن يمحوه.

هـ - كره مجموعة من علماء الأمة على كتابة الحديث منهم: القاسم بن محمد، والشعبي، والنخعي، ومنصور، والأعمش.

و – أن السنة لم تكتب وتدون إلا في العصور المتأخرة بعد أن اعتراها الخطأ والنسيان والتحريف والتبديل، مما يوجب الظن والشك فيها فلا يجوز الأخذ بها.

وهذه الشبهة استشراقية بكل محتوياتها، فهذا هو المستشرق الألماني شاخت يقول: «لا صحة لأي حديث منسوب للنبي [صلى الله عليه وسلم]، وإن أقدم ما بين أيدينا من أحاديث الأحكام لا يرجع إلا إلى سنة 100 هجرية ليس إلا».

وقد سبق بيان هذه الشبهة سابقًا في دعاوى المستشرقين حول تأخير تدوين السنة والرد عليها.

هذه نماذج من الطائفة التي تسمى بالقرآنيين، رغم أن أفكارهم صارت عقيدة لدى كثير من المفكرين والأكاديميين المنتسبين إلى الإسلام، إلا أن معظمهم من الذين تغربوا أو تشرقوا أو «تأمركوا»، أو احتضنتهم المراكز الاستعمارية والاستشراقية، وتأثروا بهم في جميع مجالات الحياة ليس في الجانب العقدي فحسب؛ بل تغلغل هذا التأثير في وجدانهم فغيّر نظرتهم للحياة اقتصاديا وثقافيا وسياسيا.

وحقيقة إنكار السنة لم تنحصر في المعتزلة والمستشرقين فحسب، بل كانت عقيدة راسخة في أذهان الخوارج، فهذا هو شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى يقول عن موقف الخوارج من السنة: «وأصل مذهبهم تعظيم القرآن وطلب اتّباعه، حتى خرجوا عن السنة والجماعة، فهم لا يرون اتّباع السنة التي يظنون أنها تخالف القرآن كالرجم ونصاب السرقة وغير ذلك، فضلوا، فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم أعلم بما أنزل الله عليه، والله قد أنزل عليه الكتاب والحكمة».

3 – الاستشراق والعقلانيون المعاصرون:

العقلانيون المعاصرون هم الطائفة التي ظهرت في مصر في العصر الحديث، وتدعو إلى وضع الشريعة في ميزان العقل، فما وافق منها العقل يؤخذ به، وما خالفه يرفض ويترك.

والمنهج الذي يدعون إليه منهج قديم وحديث، يتفق مع المعتزلة قديمًا ومع المستشرقين حديثًا في تفضيل العقل على النقل، ولا يخفى خطورة ما يدعون إليه من هدم لأركان الدين ودعائمة الأساسية، ما دام الميزان هو العقل، والعقل ليس له تصور واضح، ومقياس ثابت، فالعقول تختلف من شخص إلى آخر، ما يراه أحدهم صحيحًا ربما يكون غير صحيح عند الآخر، فهذا الميزان مختل ومرفوض، ولكن هذه المدرسة تأثرت كثيرًا بالمدارس الاستشراقية في أخذ أحكام الدين عن طريق العقل لا النقل، لا سيما وأن رجالاتها اختلطوا كثيرا بالغربيين وانبهروا بفكرهم وحضارتهم المادية، فحاولوا أن يوفقوا بين الإسلام والغرب، فخرجوا بهذه القواعد المنحرفة والخطيرة.

ونستطيع القول وبشكل قطعي أن هؤلاء القوم يحملون معظم أفكار المستشرقين وآرائهم إلا أنهم ينتسبون إلى العروبة والبلاد العربية، والدليل على ذلك شبهاتهم الكثيرة حول السنة النبوية ونقدهم لكثير من الأحاديث، وفيما يلي بعض أقوال دعاة هذه المدرسة:

أ – يقول أحمد أمين وهو ينتمي إلى هذه المدرسة: «إن الأزهر لا يقبل الآراء العلمية الحرة، فخير طريقة لبث ما تراه مناسبًا من أقوال المستشرقين ألا تنسبها إليهم بصراحة، ولكن ادفعها إلى الأزهريين على أنها بحث منك، وألبسها ثوبًا رقيقًا لا يزعجهم مسها، كما فعلت أنا في (فجر الإسلام وضحى الإسلام)».

ب - يقول محمود أبو رية: «كان الأستاذ والإمام محمد عبده لا يأخذ بحديث الآحاد مهما بلغت درجته من الصحة في نظر المحدثين، إذا ما خالف العقل أو القرآن أو العلم».

ويقول محمد رشيد رضا: «أصول العقائد وقضايا الإيمان التي يكون بها المرء مؤمنًا لا يتوقف شيء منها على أحاديث الآحاد». 

ج - يقول أحمد أمين: «وقد وضع العلماء للجرح والتعديل قواعد ليس هنا محل ذكرها ولكنهم - والحق يقال - عنوا بنقد الإسناد أكثر مما عنوا بنقد المتن».

وغيرها كثير من الشبهات التي أثارها المستشرقون عن السنة النبوية روّجها هؤلاء القوم، إرضاء للغربيين وإظهارًا لهم بأن هذا الدين مبني على العقل مثلما أنتم تدعون إليه.



بحث عن بحث