مقدمة موجزة حول السنة النبوية

تعريف السنّة النبوية:

السنّة في اللغة: السنة في اللغة هي: السيرة والطريقة محمودة كانت أو مذمومة.

جاء في لسان العرب: (وقد تكرر في الحديث ذكر السنة وما تصرف منها، والأصل فيه الطريقة والسيرة).

وفي اصطلاح المحدثين: ما أثر عن النبي صلى الله عليه وسلم  من قول أو فعل أو إقرار أو صفة خَلْقية أو خلقية أو سيرة.

فالقول: مثل قوله صلى الله عليه وسلم : «إنما الأعمال بالنيات...»، وقوله صلى الله عليه وسلم : «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو ردّ». وغيرها.. والأحاديث القولية أكثر السنة النبوية.

والفعل: ما نقله الصحابة ن من أفعاله صلى الله عليه وسلم ، كنقلهم صفة وضوئه وصلاته، وحجّه وغيرها.

والإقرار ما أقره صلى الله عليه وسلم  من أفعال الصحابة، سواء أكان بسكوته أم بإظهار استحسانه له.

وصفاته الـخَلقية: مثل ما نقلوه من طوله وصفة وجهه عليه الصلاة والسلام.

وصفاته الخلقية: كل ما نقلوه من صفاته وأخلاقه صلى الله عليه وسلم  كتواضعه وحلمه وكرمه وبشاشته.

ويدخل في سيرته ما روي من أخباره منذ ولادته إلى وفاته صلى الله عليه وسلم .

والسنة النبوية بهذا الاصطلاح: تماثل لفظ (الحديث) عند جمهور أهل العلم.

ولفظ السنة: له استعمالات أخرى عند الفقهاء والأصوليين وعلماء العقيدة.

1-    فعند الفقهاء السنّة: ما يرادف المستحب، وهوما يثاب الشخص على فعله ولا يعاقب على تركه.

2-    وعند علماء الأصول: ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم  من قول أو فعل أو تقرير، مما يصلح أن يكون دليلًا شرعيًّا، غير الكتاب والإجماع والقياس.

3-    وعند علماء العقيدة: كل أمر دل عليه الدليل الشرعي، سواء من القرآن أو من الحديث أو من قواعد الشريعة. فالسنة عندهم مقابل البدعة.

وسبب الاختلاف في هذه التعريفات أن أهل كل علم نظروا إلى السنّة بمنظار يختلف عن منظار الآخرين:

  • فالمحدثون نظروا إليها من جهة قائلها وهو الرسول صلى الله عليه وسلم .
  • والفقهاء عرّفوها باعتبارها حكمًا شرعيًّا.
  • والأصوليون عرّفوها باعتبارها دليلًا شرعيًّا يحتج به.
  • وعلماء العقيدة عرّفوها باعتبارها منهجًا وطريقة، يقابلها البدعة.

أهمية السنة ومنزلتها:

السنة النبوية هي المصدر الثاني من مصادر التشريع الإسلامي بإجماع علماء الأمة سلفًا وخلفًا، فهي مكملة للقرآن، ومفصّلة لما يحتاج إلى تفصيل، وموضحة لما يحتاج إلى إيضاح، فهي والقرآن مصدران متلازمان، لا ينفك أحدهما عن الآخر، ولا يستغنى بأحدهما عن الآخر، ولا يتم كمال التشريع إلا بهما. ويمكن أن نذكر – باختصار – بعض جوانب أهمية هذا المصدر العظيم:

1-    إن السنة النبوية هي التفسير العلمي للقرآن الكريم، والتطبيق الواقعي له، فقد كان النبي صلى الله عليه وسلم  يقيم حياته على ما ينزل عليه من الله تعالى، فيراه الصحابة ن فيمتثلون أمره ويقتدون به، وإذا ما احتاجوا إلى بيان شيء بينه لهم. فحياة الرسول صلى الله عليه وسلم  في جميع جوانبها تطبيق لما جاء في القرآن الكريم.

2-    إن السنة النبوية هي التي يتم بها جوانب من فهم القرآن الكريم واستيعابها وفق ما أراد الله تعالى، فهي تفسير مبهمه، وتفصّل مجمله، وتقيّد مطلقه، وتخصّص عامه، وتوضّح أحكامه، وتشرح غامضه، وتكمّل ما يحتاج إلى تكميل، فالصلاة – مثلًا – لم ترد إلا مجملة في القرآن الكريم والسنة هي التي بينت أوقاتها، وأعدادها، وعدد ركعاتها، وفرائضها ونفلها، وأركانها وواجباتها... إلخ.

3-    إن دراسة السنة النبوية المشرفة وفهمها وتطبيقها من طاعة الله تعالى التي تضافرت النصوص القرآنية على بيانها، فدراسة السنة طاعة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، وطاعة الرسول صلى الله عليه وسلم  من طاعة الله تعالى، قال سبحانه: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} [النساء: 80].

4-    ومن أهمية السنة أن هناك أحكامًا لم يُنص عليها في القرآن الكريم، فجاءت السنة النبوية ببيانها، إذ أن السنة تحكي وقائع الناس وما يحدث منهم فيبين الرسول صلى الله عليه وسلم  حكم ما وقع وما حدث، مثل بيانه لكثير من الأحكام كأحكام لحوم الحمر الأهلية، وأكل كل ذي ناب من السبع وبعض أحكام النكاح وغيرها.



بحث عن بحث