المعلم الحادي العاشر: محاسبة النفس والاستكثار

من الزاد الإيماني وأعمال القلوب

¤   استمع إلى شيخ الإسلام ابن تيمية : وهو يقرّر لنا هذه الحقيقة، فيقول: «لا بد للعبد من أوقات يتفرد فيها بنفسه في دعائه، وذكره، وصلاته، وتفكره، ومحاسبته لنفسه، وإصلاح قلبه».

¤   وجاء في ترجمة الإمام ابن حجر العسقلاني: «أنه كان ملازمًا لقيام الليل وسنة الضحى، ويسرد الصوم (أي يكثر الصيام)، وواظب أخيرًا على صوم يوم وإفطار يوم، وكان كثير البر بالفقراء».

¤   وتأمل إلى الخطيب البغدادي وهو يقرر هذه الحقيقة بقوله: «فطالب العلم على الأخص ينبغي أن يكون له ورد، من صلاة وقرآن وذكر ودعاء، وتخصيص يوم من الأسبوع لصيامه، وساعة يحاسب فيها نفسه قبل أن يحاسب، وساعة يفضي فيها إلى إخوانه الذين يخبرون بعيوبه ويصدقون عن نفسه، وهذه عبادة الروح».

¤   واستمع إلى الإمام ابن القيم وهو يصف لنا أثر الزاد الإيماني في تقوية الهمة والحماسة لطلب العلم بقوله: «إن الذكر يعطي الذاكر قوة، حتى إنه ليفعل مع الذكر ما لم يطق فعله بدونه، وقد شاهدت من قوة شيخ الإسلام  ابن تيمية : في مشيته وكلامه وإقدامه وكتابته أمرًا عجيبًا، فكان يكتب في اليوم من التصنيف ما يكتبه الناسخ في جمعة وأكثر، وقد شاهد العسكر من قوته في الحرب أمرًا عظيمًا».

وقد قال أيضًا: «والذكر قوت القلب والروح، فإذا فقده العبد صار بمنزلة الجسم إذا حيل بينه وبين قوته، وحضرت شيخ الإسلام ابن تيمية مرة صلى الفجر، ثم جلس يذكر الله إلى قريب من انتصاف النهار، ثم التفت إليّ وقال: هذه غدوتي، ولو لم أتغدَّ هذا الغداء لسقطت قوتي».

إذن لا يسوغ أبدًا بأي حال من الأحوال أن يكون طلاب العلم قساة القلوب، جامدي الأعين، لا يتأثرون بآية ولا موقف ولا حدث، من الخير العظيم والقوة العلمية أن يكون ضمن برنامج طالب العلم الورد اليومي من القرآن الكريم والأذكار والدعاء وكثرة الصلاة وبخاصة قيام الليل وشيئا من الصيام في الشهر، وجزءًا من الإنفاق الخيري والإحسان بأي نوع من أنواعه، فيدرب نفسه على ذلك حتى يكون سجية له، جزءًا من حياته اليومية، فسيرى أثر ذلك في سيرته العلمية والدعوية، وأثر ذلك على حياته وحياة أسرته.



بحث عن بحث