قبل أن نبدأ بمسائل الحديث وقضاياه يحسن بنا أن نبيِّن معاني بعض الكلمات التي تحتاج إلى بيان، فنقول:

قوله: «فِيمَا أَعْلَم»: الظَّاهر أَنّ قائله أبو علقمة، يقول: في علمي أنّ أبا هريرة حدّثني هذا الحديث مرفوعًا لا موقوفًا عليه

«يَبْعَث»: بمعنى يرسل، يقال: بعثت رسولًا، أي: أرسلته، وأصل البعث إثارة الشيء وتوجيهه، يقال: بعثته فانبعث. فيكون المعنى: إن الله يقيِّض لهذه الأمة على رأس المائة مجددًا، أي: إن هذا المجدِّد يتصدى في رأس المائة لنفع الأنام، وينتصب لنشر الأحكام.

«لِهَذِهِ الأُمَّة»: أي أمَّة الإجابة, ويحتمل أمة الدَّعْوَة. ورجح المناوي بأنهم أمة إجابة، بدليل إضافة الدين إليهم في قوله: «دينها». وأصل الأمة: الجماعة، مفردٌ لفظًا وجمعٌ معنىً  .

«عَلَى رَأْس كُلّ مِائَة سَنَة»: أي انتهائه أو ابتدائه إذا قلّ العلم والسنّة, وكثر الجهل والبدعة. والراجح آخره: كما قال صاحب عون المعبود بعد سرد أقاويل أهل العلم: «فَإِذَنْ ظَهَرَ حَقّ الظُّهُور أَنَّ المُرَاد مِنْ رَأْس كُلّ مِائَة آخِر كُلّ مِائَة».

واخْتُلِف في رأس المائة هل يعتبر من المولد النَّبويّ أو البعثة أو الهجرة أو الوفاة؛ قال المُنَاوِيُّ في مقدِّمة فيض القدير: يحتمل من المولد النبوي، أو البعثة، أو الهجرة، أو الوفاة، ولو قيل بِأقربيَّة الثاني لم يبعد, لكنْ صنيع السُّبْكيّ وغيره مصرّح بأن المراد الثالث .

«مَنْ يُجَدِّد»: مفعول «يبعث». أي: مجدِّدًا واحدًا أو متعدِّدًا، و«مَنْ» اسم مبهم يشمل الذوات العاقلة آحادًا وجموعًا واستغراقًا.

«لَهَا»: أي لهذه الأمة المحمدية .

«دِينهَا»: أي يبيِّن السنّة من البدعة, ويكثر العلم, وينصر أهله, ويكسر أهل البدعة ويذلّهم. قالوا: ولا يكون إلا عالمًا بالعلوم الدِّينية الظاهرة والباطنة.

وقال المناوي: «أي: ما اندرس من أحكام الشريعة، وما ذهب من معالم السنن, وخفي من العلوم الدينية الظاهرة والباطنة».



بحث عن بحث