وقفة مع التقنية

 

في كل زمن تجد ظواهر، ويقف الناس منها موقف الرافض، أو موقف المتخوف، أو المنبهر، أو المنغمس فيها دون تأمل بسلبياتنا وإيجابياتها.

وقد تكون ظواهر صحية، وقد تكون غير ذلك، وقد تكون سلاحًا ذا حدين.

ومن الظواهر التي طغت في هذا العصر ظاهر: التعامل الإلكتروني، بل أصبح المجتمع يسمى المجتمع الإلكتروني، ليس مجتمعنا فحسب بل العالم أجمع.

ومن سمات هذه الظاهرة:-

 

* تعاملها مع الجهاز أكثر من الإنسان.

* تجددها وتطورها.

* تسابق المصانع للتنافس فيها.

* طغيانها على الناس في عالمهم الاجتماعي.

* أصبحت رمزًا لتقدم الفرد والمؤسسة.

* كل جديد فيها يبهر.

* لها مصطلحاتها الخاصة التي تتعب في ملاحقتها وفهمها.

* تخطت كثيرًا من الحواجز الدينية والاجتماعية والسياسية.

* ليس لها ضوابط أخلاقية تضبط المتعاملين بها فلكل من الناس ضوابط  الخاصة.

* اختصرت كثيرًا من الجهود العقلية، والبدنية، والمالية.

* تحتاج إلى مهارات خاصة في التعامل بها.

* مغرية فيما تحمله من معلومات، وصور، وأفلام.

* سهلت التواصل الإيجابي والسلبي.

* شككت في كثير من المبادئ الأخلاقية والاجتماعية.

* أسهمت في تغيير نمط التواصل الاجتماعي وغيرها.

تلك شيء من سماتها التي تجعل التعامل معها، والنظر في منتجها أمرًا يحتاج إلى شيء من جهد التفكير، الذي يضمن التعامل مع إيجابياتها، ويقلل من سلبياتها إذ ليس هناك أمرًا إيجابيًا خالصًا، وليس هناك أمرًا سلبيًّا خالصًا فالمعادلة تقضي الاستفادة من الإيجابيات بصورة أكثر، والتخفيف من السلبيات بقدر المستطاع.

وأحسب هنا أنني أضع إشارات مهمة في التعامل معها في نظري، وإلا فالأمر أكبر من كلمات معدودة فهو يحتاج إلى ورش عمل، وندوات مستمرة لطغيان هذا الأمر على المجتمع بأكمله.

 

ومن أهم الإشارات ما يلي:-

 

* من المهم أن نستشعر أين نحن منها؟ هل نحن متبعون بإطلاق، أو مندمجون، أو مستفيدون، أو متوقفون.

وأحسب أن منَّا ومنَّا. فالمهم أين مكاننا مجتمعًا وأفرادًا؟!

* ومن المهم: إيجاد التصور الفكري لهذه التقنية، والتصور الذي يبنى على التعريف بها، وبعالمها، ومواطن الإفادة منها، وأهم سلبياتها....

ونقل ذلك إلى الأجيال القادمة حتى لا تلومنا اللوم الشديد إذ أورثناها مجمل تعقيدات تحتاج إلى جهود لتفكيكها.

* هذا التصور يعطي تقويميًّا مبنيًّا على أعلا المصالح، وأقل المفاسد الذي يبنى على الضوابط الشرعية، والمصالح المرعية، مثل:-

- إظهار مبادئنا التي نعتنقها وندين بها.

- ثوابتنا الشرعية، والمصلحية.

- أخلاقنا الأساسية ومنطلقاتنا الاجتماعية.

- مرتكزات أنظمتنا وأسسها.

- ا لمصالح المتوخاة من هذا الجديد بمستجداته.

- المفاسد التي تكتنفه.

* من المهم: بيان معالم أساسية في التعامل مع هذه التقنية، مثل:-

- كيفية التعامل معها.

- مواطن الإيجابيات التي نعلى من شأنها مثل بيان المواقع العلمية بمختلف التخصصات، والمدونات السليمة ومصادر المعلومات، ونحوها.

- مواطن الخطورة التي ينفذ منها الأعداء ويغزون مجتمعنا وأمتنا وأبناءنا وبناتنا من حيث نشعر أو لا نشعر، مثل: المواقع الأخلاقية السيئة، والمشككة في الدين، والجالبة للمفسدات.

- كيفية التعامل مع ما يجب مقاومته.

- أهمية التعاون فيما بين المختصين والعقلاء في الإفادة منها.

-كيفية التقويم عند الجهل بالشيء، وغيرها.

وهنا في ختام هذه الأسطر وقفة:

 

إن الأمر جد خطير والمسؤولية عظيمة ومشتركة، وأعتقد أن من أهم من تقع عليه المسؤولية:-

- التربية والتعليم فهي محضن التربية، ومصدر التعليم وأظن أن هذا من أهم أولوياتها، والمسؤولية عليها كبيرة كيف وهي تحتضن جميع الأبناء والبنات؟!

- الإعلام بمصدره الرسمي، وبمصدره المجتمعي، ومن الخطأ أن تسبقه التقنية ويكون محل تنذر من الأبناء والبنات، فليرتقي إلى مستوى القيام بالمسؤولية، وكيف وهو مسؤول عن الكلمة؟!

- العلماء والمفكرون والمثقفون عليهم مسؤولية كبيرة أمام هذه التقنية فماذا أعددتم؟ هل هو مجرد المشاركة العادية كغيركم؟ وهل حملتم زمام التوجيه؟ بل وهل تناقشتم وتذاكرتم هذه المسؤولية؟ وأعلنتم في منابركم الخطابية، وفي ندواتكم؟ وهل سيلتم أقلامكم للتخلص من حمل هذه الأمانة؟

هذا هو المؤمل فيكم؟ وأنتم أهل لذلك.

- الآباء والأمهات وسائر الأولياء؟ الظاهر من حالكم هو المسارعة لجلب أحدث التقنيات لكن الجميع يتفق أن تعامل الأبناء الصغار أكثر وأسرع منكم، وتتبادل الأحاديث في المجالس بذلك لكن هذا لا يعفي من المسؤولية، وثقل الأمانة.

- الأصدقاء العقلاء الذين أنعم الله تعالى عليهم بالرشد ليهدوا أصدقاءهم ما توصلوا إليه من الحسن ليعملوا فيه، وما توصلوا إليه من القبيح فيجتنبوه.

- وأختم بفئتين مهمتين هما:-

- أهل التخصص الذين لهم جهد بارز في التقنية من حيث هي، وهذا محمود إلا أن المسؤولية لا تقف عند ذلك بل الأمر أكبر من ذلك للإفادة منها في المحمود، والتحذير من المذموم.

- والأجهزة الرقابية التي تحمل المتابعة، فعليها أن تحققها وفق مفهومها في الرقابة والمتابعة.

ولعل من حسن الختام أن يجتمع أهل الشأن برعاية التربية والتعليم لعمل وثيقة شرف في ذلك فهل من يقول: نعم، لنطلق إلى تفعيل «كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته».

هذا هو المؤمل، والله من وراء القصد.

 

 



بحث عن بحث