الأحلام (1-2)

 

الأحلام: جزء من حياة الإنسان, وقد تؤثر على حياته في اعتقاده وسلوكه, وقد يعيش معها أحياناً أخرى بإيجابية نافعة, أو بسلبية مقعدة, بل ومهلكة, وقد يستخدمها لتحقيق طموح أو طموحات, وقد لا يأبه بها, وقد يبني عليها الإنسان أسلوب حياته ومعاشه.

وتتوالى الأسئلة؟.

ماهية تلك الأحلام؟ وهل لها حقيقة؟.

وكيف يتعامل معها الإنسان ؟.

وهل هناك أحلام لها تأثير في الواقع؟.

وهل يستطيع الإنسان أن يتكيف معها؟.

وما مدى صحة أحلام اليقظة؟.

وهل صحيح أن هناك أحلاماً هي بداية لمشاريع نافعة؟.

وكيف تكون؟.

هذه مجموعة من الأسئلة التي ننطلق منها للحديث مع الأحلام.

ويمكن أن يجاب على هذه الأسئلة من خلال محورين أساسيتين:

الأول: ما يراه الإنسان في منامه.

الثاني: ما يحكم به الإنسان في اليقظة, أو يتخيله قريباً, أو في مستقبله.

ونناقش هذين المحورين من عدة زوايا لنصل إلى التعامل الإيجابي معها, ونحذر من الوقوع في السلبيات المنتشرة في عالم اليوم.

***

أما المحور الأول: فهو محور طويل, لعلي أختصر الحديث عنه في الفقرات الآتية:

1- الحلم, أو الرؤيا في المنام حقيقة واقعة لا يستطيع أحد إنكارها, ولكن يجب أن يتعامل معها وفق المنهج لشرعي الذي سأبين بعض معالمه في بقية الفقرات.

2- يمكن إجمال ما يراه الإنسان في منامه في تقسيمه ثلاثة أقسام:

أ- ما يراه الإنسان من كثرة المشاهد وبخاصة المرعبة والمزعجة التي لا أول لها ولا آخر, فهذه التي تسمى: (أضغاث أحلام), وهذه تنتج غالباً من كثرة الأكل, أو عمق التعب الجسدي, أو كثرة الهموم, أو مشاهدة أفلام مرعبة قبل النوم, أو كثرة الأحاديث والكلام في مسائل مزعجة.. ونحو ذلك فيرى الإنسان في منامه تلك المناظر المتناقضة والمرعبة.

والموقف من هذه الأضغاث: عدم الاكتراث بها, والتنبه إلى أسبابها فمن كان يكثر من الأكل قبل النوم, فلا يكثر, ومن كان يشاهد أفلاماً مزعجة فيتركها .. وهكذا.. ومن ثم لا تضره شيئاً بإذن الله تعالى.

ب- ما يراه الإنسان كمشهد مرعب مخيف في نفسه أو أحد أقاربه بصورة مؤثرة في النفس, فهذا هو ما يسمى: (الحلم) والحلم من الشيطان وهو غير مؤثر في الواقع, ولكن الشيطان أراد أن يزعج هذا الإنسان كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم.

والموقف من هذه الأحلام المخيفة أن يتعوذ الإنسان من شرها, وأن يتفل عن يساره, وإذا قام وتوضأ وصلى ركعتين فهذا أكمل فإن فعل ذلك فلا يضره هذا الحلم.

ج- والثالث: ما يراه الإنسان في منامه مشهداً واضحاً بيناً ليس فيه تخليط ولا رعب, فهذه هي (الرؤيا).

والرؤيا:

- جزء من ستة وأربعين جزءاً من النبوة كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم.

- وهي لا تخلوا إما أن تكون مبشرة بخير قادم فيحمد العبد ربه على ذلك, وإما أن تكون محذرة من شر قادم فيحذره المسلم لئلا يقع فيه.

- وعلى المسلم أن لا يسأل عنها إلا من هو خبير في تأويل الرؤى وعلى علم, ويشهد له بالسلوك الحسن, لئلا تؤول تأويلاً غير صحيح.

- ولا يعرضها إلا على من يحب لئلا يحسد على خير قادم له.

- أن لا ترده عن عمل خير دل عليه القرآن والسنة.

وبناء على ذلك كله:

1- يمكن للمسلم أن يصوغ حياته صياغة صحيحة في التعامل مع ما يراه في منامه وفق التقسيم السابق حتى لا يتلاعب به الشيطان ولا يكون فريسة سهلة قد يصل به الأمر إلى أن يغير حياته وسلوكه ويتقلب تقلباً مزعجاً, وقد يؤدي به هذا السلوك إلى أوهام وأمراض معقدة تؤثر عليه, وعلى أسرته بل على مشاريعه كلها.

2- تتبع كل ما يراه الإنسان في منامه, وتتبع المعبرين ليعبروها له, ولو كانوا أعواماً, أو جهلة, أو مشعوذين, أو دجالين, عن طريق الهاتف, أو الفضائيات, ونحو ذلك, وهكذا تصبح حياة هؤلاء لعبة لهؤلاء المتلاعبين, وقد يخسر عقيدته, وإيمانه بربه, ويعقلونه بالبشر, أو بالأوهام, والخزعبلات, وقد يمتصون أحواله, ويؤثرون على تجارته, وعلى أسرته, فضلاً عن طموحه ومشاريعه, ودراسته..إلخ.

3- عدم الإيمان بالرؤى جملة وتفصيلا, وهذا مخالف لما دلّ عليه يوسف عليه السلام, ورؤيا عزيز مصر الذي أوّلها يوسف عليه السلام.

4- عدم التمييز بين المعبرين, وعدم التفريق بين المعبر والمشعوذ, ومن المعلوم أن المعبر له شروط منها:

أ- الثقة فيه في الجملة.

ب- العلم الشرعي.

ج- العلم بقواعد تعبير الرؤى.

د- السلوك الحسن.

5- ومن الأخطاء السؤال عن كل ما يشاهده في منامه حتى يصبح فريسة للشيطان فينتظر الصباح لكي يسأل عما شاهده.

6- بناء الحياة ومشاريعها على ما يراه في منامه فيقبل ويدبر بناء على ذلك.

7- بناء الفرح والحزن على ما يراه في منامه دون أي مبرر إلا أن شاهد منظراً مفرحاً أو مزعجاً, ونسي هذا المسكين عظم التوكل على الله جل وعلا.

8- بل وصل بالبعض إلى بناء بعض الأحكام الشرعية على ما يراه في منامه فرأى الرسول صلى الله عليه وسلم وقال له قولاً فيتجه للعمل به.. ونحو ذلك فضلاً أن يسمع هاتفاً يهتف بمسألة.

***

هذه جملة من الأخطاء التي يقع فيها كثير من الذين يتعاملون مع الأحلام والرؤى, مما يجب أن يتنبه له المسلم, وأن لا يقع في المحظورات فتفسد عليه حياته, وتنغص معيشته, وتبعده عن الايجابيات التي ينبغي أن يعيش معها.



بحث عن بحث