مسؤولية المرأة تجاه كيد أعدائها

 

 

منذ أن بعث محمد - صلى الله عليه وسلم - وأعداء الإسلام من اليهود والنصارى وسائر الكفار يكيدون للإسلام وأهله، ويبذلون في ذلك جميع قدراتهم وإمكاناتهم ومكرهم وحيلهم، لا يألون في هذا العداء جهدا إلا بذلوه، ولا سبيلا إلا سلكوه. ويقود هذا الكيد شياطين الإنس والجن، واتخذوا في ذلك جهات عدة، فتارة يركزون على الغزو العسكري، وأخرى على غزو الفكر والثقافة وإشاعة الشبهات على هذا الدين، وأخرى يركزون على إفساد مناطق التأثير في الأمة على الطفل والمرأة، مستغلين الإعلام والتعليم والثقافة وغيره.

 

وفي هذا الزمان، ابتداء من بداية القرن الماضي، ركزوا تركيزا غير عادي على المرأة المسلمة باسم تحريرها، أو مساواتها مع الرجل، أو التباكي على حقوقها.

 

ويمكننا هنا أن نلخص مخططهم ضد المرأة المسلمة:

1/  اتخاذهم جملة من المنافذ والمحاور للنفاذ إلى محاولة إفساد المرأة، ومن ذلك:

 

أ-  أن تكون المرأة قضية تبرز للنقاش، ويكون لذلك أنصار مثل كون المرأة مظلومة، أو أن المجتمع لا يتنفس إلا برئة واحدة، وهي مهضومة الحقوق، أو أننا نعيش في بقايا موروثات قديمة، وتحكمنا عادات وتقاليد بالية عفى عليها الزمن ومحاها التاريخ...، هكذا هم يصرخون، ويكتبون في الصحافة، ويمثلون في المسلسلات التلفزيونية، وفي الكتابات بين فترة وأخرى، ومن العجب أن لهم تواريخ معينة يظهرون فيها، وبخاصة الأوقات التي تمر بها الأمة في أزمات معينة، أو التقاط كلام من مسؤول يبترونه ويجيرونه لاستئناف افتعال القضية.

ب-  نشر الرذيلة والفكر المنحرف بعامة في المجتمع المسلم، وذلك عن طريق الإعلام المرئي منه والمقروء والمسموع.

 فمن المعلوم أن المجتمع، بل والفرد، يستنكر حين مشاهدته أو سماعه أول مرة، ولكن هذا الإنكار يخف شيئا فشيئا حتى يصبح أمراً مألوفاً.

 ففي مجال الإعلام مثلا: تنشر الصور المحرمة والفاتنة، فضلا عن كشف الحجاب، والسخرية منه، وتتكرر هذه المشاهد في كل قناة سخرت لهذا الأمر حتى أصبح في المجتمعات المسلمة أمرا مألوفا وغير مستنكر، وهكذا تسري الرذيلة حتى تتفشى إلى أبشع صورها.

 وهكذا في الصحف والمجلات، وقل ألا تضع مجلة على غلافها صورة امرأة في كامل زينتها وسفورها.

 

والوسائل الأخرى الجديدة التي نقلت إلينا ما يدور في عالم الكفر كالفضائيات وعالم الإنترنت.

 أما الفكر فتستخدم له الوسائل نفسها، من خلال أعمدتهم الصحفية أو مقالاتهم وأحاديثهم في الأجهزة المرئية.

 ومن المؤسف أن كثيرا من أبناء المسلمين وبناتهم الذين يتكلمون بألسنتهم صاروا ينشرون هذا الفكر، بل ويتحمسون له.

 

ومما اتخذوه: نشر الشبهات المتعلقة بالمرأة، مثل:

 

-  دية المرأة على النصف من الذكر.

 

-  ميراثها على النصف من الذكر.

 

-  شهادة امرأتين تساوي شهادة رجل.

 

-  كونها لا تكون والية ولا قاضية.

 

-  تعدد الزوجات.

 

-  قوامة الرجل عليها.

 

-  الحجاب.

 

ج- إعلان المطالبة بأمرين جعلوهما أساسيين:

 

-  المطالبة بـ (حرية المرأة) ويقصدون بذلك أن تتحرر من عبودية الله إلى عبودية نفسها أو عبودية الخلق، فلم يعجبهم شرع الله – تعالى- لها الذي هو أعلم بمصلحتها ومصلحة المجتمع كله، كيف وهو الذي خلقها وأوجدها؟!

 

يريدونها تتحرر من تعاليم الشرع وتوجيهاته بمعنى تتحرر من حجابها وعفتها وحشمتها؛ لتكون سلعة رخيصة ينالها كل عابث.

 

هذا المصطلح (حرية المرأة) استخدموه من باب: التلاعب بالمصطلحات، ولكنهم يرمون من وراء ذلك إلى نشر الفكر الذي يريدون، وهذا المصطلح مصطلح يهودي.

 

جاء في البروتوكول الأول لحكماء صهيون: (لقد كنا أول من صاح في الشعب فيما مضى بالحرية والإخاء والمساواة، تلك الكلمات التي راح الجهلة في أنحاء المعمورة يرددونها بعد ذلك دون تفكير أو وعي، إن نداءنا بالحرية والمساواة والإخاء  اجتذب إلى صفوفنا من كافة أركان العالم - وبفضل أعواننا -  أفواجا بأكملها لم تلبث أن حملت لواءنا في حماسة وغيره).

 

-  المطالبة بـ (المساواة مع الرجل)، وهذه كسابقتها يريدون بها معارضة فطرة الله التي فطر الناس عليها، وقد خلق الله – تعالى- الذكر والأنثى بطبيعتين مختلفتين، ولا ينكر هذا إلا من طمس على قلبه وعينيه، فيريدون أن يتساويا في كل شيء.

 نعم إن هناك مساواة في الأصول العامة الشرعية كالمساواة في أصل التكليف، وفي الجزاء من ثواب وعقاب، وفي التملك، وفي اختيار شريك الحياة ونحوها.

 أما في كل شيء فأول من يأباه الفطرة التي فطر الله الناس عليها،  فضلا عن حكمة الله وشرعه، ولكنهم اتخذوا هذه الشعارات البراقة لينخدع بها السذج وأشباههم، وقد وقع شيء من ذلك. ونحن هنا لسنا بصدد مناقشة هذه الدعاوى وأمثالها بقدر ما يهمنا أن نتعرف على أن هناك مخططاً كائداً  للمرأة والمجتمع.

 

د- تصوير مهمة المرأة الأساس بأنها هامشية.

وقد اتخذوا هذا المخطط الرهيب لينقلوها من عالمها الحقيقي، البيت والأسرة وتربية الأطفال والعناية بالزوج، إلى أن تهجره إلى عمل تزاحم الرجل فيه فتشاركه في المصنع والمتجر والوظيفة الخاصة به ومخالطته وغير ذلك.

 

هـ- تصوير قوامة الرجل بأنها تسلط ووحشية.

ويقال هنا ما قيل في (د) من اختلال الموازين الخلقية والشرعية التي خلق الله تعالى الناس عليها.

 

و- اتباع سياسة فرض الأمر الواقع.

وذلك بأن يتخذوا أموراً واضحة دون أن يقولوا للناس مقصدنا هكذا أو نريد التوصل إلى هذا الأمر، وإنما يأخذون نفساً طويلا لتحقيق مآربهم، وإذا ما تم لهم ما ظاهره حسن ألزم معه أمراً محظوراً، مثل: أن يفتح أقسام مختصة للنساء.. وفي الواقع لا حاجة لهذه الأقسام، مثل: أقسام مسرح ونحوها، فإذا تخرجت الطالبة فلا بد أن تبحث عن وظيفة تناسب تخصصها؛ فيقع المحظور والحرج.

 

ومثال آخر: أن تفتح معاهد أو دورات للمضيفات أو العاملات في الفنادق خاصة بالنساء، ويركزون على هذا حتى لا يجابهوا بمعارضته من البدء، فإذا حصلن على الشهادة أردن تلك الوظيفة وهكذا.. {وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ}، فإنهم بهذا الأسلوب أحرجوا الدولة والمجتمع وأولياء الأمور والمرأة نفسها بهذا المكر والخبث.

 

ز- التعليم.

وقد اتخذ هؤلاء الأعداء والمخدوعون بهم التعليم مطية لهم بحيث يلجون من خلاله إلى بث أفكارهم في إفساد المرأة المسلمة، ومن ذلكم: عدم وجود المناهج التعليمية التي تعنى بالمرأة ودورها، كحقوقها في الإسلام، وبيان وظيفة الأمومة تجاه بيتها وأطفالها، وطرق تربيتهم، ووسائل قيامها بواجبها، وكذا المناهج التي تعينها على وظيفتها.

كما حاولوا غزو التعليم في عدة مجالات كالدعوة إلى التعليم المختلط بين البنين والبنات في الصفوف الأولى، وإدخال أقسام في الجامعات لا حاجة للمرأة بها، والاختلاط في المعامل العملية في تدريس الطب وغيره، والمطالبة بإدخال الرياضة للمدارس، ونحو ذلك مما سلكوه.

 

ح- إقحام المرأة في أعمال الرجال.

وهذا من أهم الميادين التي ولجوها، فعملوا  الوسائل والخطط الكثيرة لإقحام المرأة تلك الميادين فطالبوا بإقحامها في كل ميادين الرجال بلا استثناء، وكذا في الفنادق والطائرات والمتاجر، والغرف التجارية والشركات وغيرها. ومن المضحك المبكي مطالبتهم بولوجها المهن الحرفية كالسباكة والكهرباء والنجارة، ومنها الجندية والشرطة ونحوها، سبحانك ربنا هذا بهتان عظيم!

 

2/ مسؤولية المرأة المسلمة تجاه هذا الغزو المركز:

لاشك أن المسؤولية تجاه تلك الأفكار والمخططات السيئة ضد المرأة المسلمة مسؤولية مشتركة، بين ولاة الأمر والعلماء وطلاب العلم والدعاة وأولياء أمور النساء، وتشاطرهم المرأة المسلمة تلك المسؤولية، وهنا نركز على مسؤوليتها، ولا يعني إغفال هؤلاء من المسؤولية..

 

فمن مسؤوليتها:

أ‌- تحصين المرأة نفسها علمياً وفكرياً وعملياً.

ومن مقررات هذا التحصين ما ذكر في مسؤوليتها عن نفسها، ويركز هنا على قضية التعلم والقراءة والتثقف بالثقافة الإسلامية العامة ومعرفة أسرار التشريع، مع قوة الإيمان به – سبحانه- لأنه لم يشرع أمراً إلا لحكمة فيها مصلحة الخلق.

 

ب‌- العلم بأن هناك أعداءً يتربصون بها الدوائر من يهود ونصارى ومنافقين وعلمانيين، وقد يكونون من بني جلدتنا ودرسوا في مدارسنا.. لكن أرادوا الضلالة بعد الهدى، فضلوا وأضلوا! والإنسان أول ما يحذر من مأمنه؛ لئلا يلدغ منه، كما قيل: "يؤتي الحذر من مأمنه"، فهؤلاء يظهرون للمرأة المسلمة بمظهر المصلح الباكي المتباكي على مصلحتها وحقوقها، ولكنه تحت أثوابه ضبع ماكر يريد أن يفتك بهذه المسكينة فيرديها المهالك، قاتلهم الله أنى يؤفكون.

 

ج- ويتبع ذلك التعرف على وسائل هؤلاء الأعداء ومخططاتهم ومطالبهم وأهدافهم ومقاصدهم (عرفت الشر لا للشر ولكن لتوقيه)، ومعرفة تلك الوسائل تفيد في مزيد من التحصين والحذر.

 

د- مجابهة هذا الغزو بكل ما تملك من وسائل، وعلى حسب كل امرأة، فطالبة العلم واجبها أعظم من غيرها، والمعلمة كذلك، ومربية الصغار كذلك، وغيرهن، وطرق هذا الموضوع باستمرار؛ لأنه من أخطر وأشد الموضوعات وأهمها، ما بالكم إذا تمكن هؤلاء الأعداء من تحقيق مطالبهم:

 

-    نزعت المرأة الحجاب عن وجهها، وعبثت في شعرها.

-    سفرت عن جسمها أو بعضه.

-    خرجت إلى ميادين عمل الرجال.

 

-    خاطت للرجال.

-    قادت السيارة لوحدها.

-    تركت أطفالها لمربية أو خادمة.

-    صادقت الرجال وسهرت معهم.

-    تلوثت بدخان المصانع.

-    تجملت للزبائن وتركت زوجها وأولادها.

 

وغير ذلك كثير فمطالبهم لا تنتهي.

فعلى المسلمة الموفقة المبتغية رضا الله - عز وجل- أن تجابه هذا الغزو مع بنات جنسها.

 

هـ- ومما يفيدها أيضاً: التعرف على أحوال المرأة الكافرة وما جر لها ذلك الانفتاح من ويلات ونكبات، وما تعيشه من قلق واكتئاب، فهي مهانة حقيرة تموت محتضنة كلبها وقطتها، وفي حال شبابها ونضارتها يعبث بها العابثون، فهي كالمنديل يتمسح به ويرمى في القمامة، وكالحمام في قارعة الطريق كل يبول فيه ويواصل سيره. فإذا  عرفت المسلمة هذا المآل، استعصمت بالله وحمت نفسها من الوقوع في هذا الوحل المتسخ.

 

و- قيامها بدورها الإصلاحي ـ الذي بيناه سابقاً - مع نفسها وبيتها ومجتمعها؛ فتصبح مؤثرة لا متأثرة، ومصلحة لا مفسدة، وعاملة لا عاطلة، ومتبوعة لا تابعة، وتختم ذلك بدخول الجنة ورضا الله - سبحانه وتعالى-.

 

 

 

 



بحث عن بحث