الدفع إلى عرفات وما يستحب فيه

 

يوم عرفة اليوم التاسع، ولذا يستحب للحاج أن يراعي الآداب في الدفع إلى عرفة وقتًا وحالاً، ومن ذلك

 

1-يستحب للحاج أن يدفع إلى عرفة بعد طلوع شمس اليوم التاسع (يوم عرفة) لأن الرسول صلى الله عليه وسلم فعل ذلك، قال الشافعي أخبرنا مالك عن نافع عن ابن عمر أنه كان يعدو من منى إلى عرفة إذا طلعت الشمس([1]). وإن دفع قبل ذلك أو بعده فجائز وبخاصة في هذا الوقت الذي كثر عدد الحجاج ووجود ترتيبات تسهل على الحجاج، فقد يستدعى بعضهم أن يذهب قبل ذلك.

 

2-أن يسير وعليه السكينة والوقار لما روي عن ابن عباس أنه دفع مع النبي صلى الله عليه وسلم يوم عرفة فسمع النبي صلى الله عليه وسلم ورأى زجرًا شديدًا وضربًا للإبل فأشار بصوته إليهم وقال: "أيها الناس عليكم السكينة فإن البرّ ليس بإيضاع الإبل"([2]).

 

3-يستحب له في أثناء دفعه إلى عرفات أن يكثر من التلبية والتهليل والكبير لحديث محمد بن أبي بكر الثقفي أنه سأل أنس بن مالك وهما غاديان من منى إلى عرفة: كيف كنتم تصنعون في هذا اليوم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: كان يهل المهل منا فلا ينكر عليه، ويكبر المبكر منا فلا ينكر عليه([3]). وعن ابن عمر رضي الله عنه قال: غدونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم من منى إلى عرفات منا الملبي ومنا المكبر([4]).

 

4-يسن للسائر إلى عرفات أن يسير في طريق ويعود من طريق آخر اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم حيث كان في المناسك والأعياد يذهب من طريق ويرجع من أخرى فدخل من الثنية العليا وخرج من الثنية السفلى، وفي العيدين إذا ذهب إلى المصلى يعود من طريق غير التي ذهب منها، ودخل عرفات من دريق ضب وهو ا لجبل المطل على منى وهو من مزدلفة وعاد من طريق المأزبين وهو بين الجبلين الكائنين بين عرفة ومزدلفة، وإن سلك الطريق الأخرى جاز([5]).

 

5-من السنة تعجيل الصلاة حين تنعقد الشمس وتقصير الخطبة ، روى سالم أنه قال لحجاج يوم عرفة إن كنت تريد أن تصيب السنة فاقصر الخطبة وعجل الوقوف فقال ابن عمر: صدق([6]).

 

ولأن تطويل ذلك يمنع الرواح إلى الموقف في أول وقت الزوال والسنة التعجيل في ذلك([7]).

 

فقد روى سالم أن الحجاج أرسل إلى ابن عمر : أية ساعة كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يروح في هذا اليوم قال: إذا كان ذاك رحنا فلما أراد ابن عمر أن يروح قال: أزاغت الشمس قالوا: لم تزغ فلما قالوا قد زاغت ارتحل([8]).

 

6-من السنة أن ينزل أولاً بنمرة، ذهب إلى استحباب ذلك الأئمة الثلاثة ورواية للحنفية([9])، ونمرة من الحل وليست من أرض عرفات، قال الأزرقي: نمرة هو الجبل الذي عليه أنصاب الحرم على يمينك إذا خرجت مأزمي عرفة تريد الموقف وتحت جبل نمرة أربع أذرع في خمس أذرع([10]).

 

والدليل على الاستحباب: حديث جابر رضي الله عنه قال: فلما كان يوم التروية توجهوا إلى منى فأهلوا بالحج وركب رسول الله صلى الله عليه وسلم فصلى بها الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر ثم مكث قليلاً حتى طلعت الشمس وأمر بقبة من شعر عملا بنمرة فسار رسو ل الله صلى الله عليه وسلم ولا تشك قريش إلا أنه واقف ثم المشعر الحرام كما كانت قريش تصنع في الجاهلية فأجاز رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى أتى عرفة فوجد القبة قد ضربت له بنمرة فنزل بها حتى إذا زاغت الشمس أمر بالقصوى فرحلت له فأتى بطن الوادي فخطب الناس([11]).

 

ولكن يحكم أوضاع اليوم من الزحام وضرورة الترتبيات المرورية وغيرها، وصعوبة تطبيق هذا الأمر فالسنة في حق الحاج أن يفعل الأيسر الذي لا يؤذي فيه نفسه ولا غيره من الحجاج ويساعد على تسيير أعمال الحج الأخرى.

 


([1]) أخرجه الشافعي في الأم (7/254).

([2]) رواه البخاري في الحج، باب أمر النبي صلى الله بالسكينة برقم (1671).

([3]) رواه البخاري في كتاب الحج، باب التلبية والتكبير إذا غدا من منى إلى عرفة برقم (1659)، ومسلم في كتاب الحج، باب التلبية والتكبير إذا ذهب من منى برقم (1285).

([4]) رواه مسلم في الحج باب التلبية والتكبير إذا ذهب من منى برقم (1284) .

([5]) ينظر حاشية ابن عابدين (2/503، 504)، وشرح فتح القدير (2/467، 468)، وكفاية الطالب (1/675، 676) )، والمجموع (8/88، 89)، والفتاوى (26/134) والمبدع (3/23) ، والمغني (3/206).

([6]) رواه البخاري في الحج، باب التهجير بالرواح يوم عرفة برقم (1660).

([7]) ينظر بدائع الصنائع 2/153)، شرح فتح القدري (2/468)، التمهيد (10/12411)، المجموع (8/102)، المغني (3/206)، شرح العمدة (3/494، 497)، الفتاوى (26/131)

([8]) رواه أبو داود في المناسك، باب الرواح إلى عرفة برقم (1914).

([9]) ينظر البحر الرائق (2/361)، كفاية الطالب(1/676)، المجموع (8/86)، شرح العمدة (3/494).

([10]) ينظر شرح العمدة (3/491).

([11]) رواه مسلم في الحج، باب حجة النبي صلى الله عليه وسلم برقم (1218) .



بحث عن بحث