بسم الله الرحمن الرحيم

 

الحمد لله الذي أمر بالحج إلى بيته الحرام، وجعله من آكد فروض الإسلام، وأصلي وأسلم على سيد الأنام، محمد بن عبد الله وعلى آله وأصحابه البررة الكرام، والتابعين، ومن تبعهم واقتفى أثرهم على الدوام...

 

أما بعد... فإن من المعلوم أن الحج إلى بيت الله الحرام ركن من أركان الإسلام قال تعالى: { وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعَالَمِينَ } آل عمران:

٩٧

وروى الشيخان عن ابن عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " بُنِيَ الإِسْلامُ عَلَى خَمْسٍ عَلَى أَنْ يُعْبَدَ اللَّهُ وَيُكْفَرَ بِمَا دُونَهُ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ وَحَجِّ الْبَيْتِ وَصَوْمِ رَمَضَانَ"([1]).

والحج من أعظم العبادات وأجلها، وقد ورد في فضله أحاديث كثيرة، منها قوله عليه الصلاة والسلام: "والحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة"([2]) وقوله عليه الصلاة والسلام: "من حج فلم يرفث ولم يفسق رجع كيوم ولدته أمه"([3]).

ومن هنا فقد تناوله العلماء قديمًا وحديثًا بمزيد أهمية في جمع نصوصه وفي التأليف فيه فسطروا علمًا عظيمًا يستند عليه من يكتب أو يتحدث فيه، فجزاهم الله خير الجزاء وأثابهم.

 

ومن المعلوم أن مسائل الحج متجددة مع تجدد الزمن، وتنوع الناس من عام لآخر، وتعدد الوسائل فيحتاج اللاحقون من الفقه والنظر ما لا يجدونه منصوصًا عليه.

 

وقد تأملت أحوال الحج والحجاج فوجدت حِكماً لله سبحانه وتعالى تظهر كل عام، ورأيت أن أعظم أعمال الحج هو (الوقوف بعرفة)لقوله عليه الصلاة والسلام: (الحج عرفة)، ولم يجمع العلماء على أمر يفوت الحج بفواته سوى الوقوف بعرفة.

ومن التأمل وقوع كثير من المخالفات في هذا الركن العظيم، فرأيت أن أجمع ما فيه من الأدلة والأحاديث وأقوال أهل العلم، مع بيان الحِكم والأحكام المستنبطة منها على طريقة التأليف المنهجية، مفتتحاً لهذا الجمع بتمهيد جعلته في مباحث ثلاثة:

 

المبحث الأول: تعريف عرفة لغةً واصطلاحًا

المبحث الثاني: موقع عرفة وحدودها

المبحث الثالث: أسماء عرفة وأسباب تسميتها بذلك

 

ثم قسمته إلى فصول ومباحث:

الفصل الأول: فضل يوم عرفة والعمل الصالح فيه وأحاديث منكرة فيه

 

وفيه ثلاثة مباحث:

المبحث الأول: فضل يوم عرفة

المبحث الثاني: فضل العمل الصالح في يوم عرفة

المبحث الثالث: أحاديث منكرة في فضل يوم عرفة

 

الفصل الثاني: الوقوف بعرفة

وفيه ثمانية مباحث:        

المبحث الأول:- حكم الوقوف بعرفة

المبحث الثاني:- الدفع إلى عرفات وما يستحب فيه

المبحث الثالث:- وقت يوم عرفة والوقوف فيها

المبحث الرابع:- فوات الوقوف بعرفة

المبحث الخامس:- مكان الوقوف بعرفة

المبحث السادس:- شروط الوقوف بعرفة

المبحث السابع:- مستحبات الوقوف بعرفة

المبحث الثامن:- محظورات الوقوف بعرفة

 

الفصل الثالث: الصلاة في يوم عرفة والخطبة

وفيه سبعة مباحث:

المبحث الأول: جمع صلاتي الظهر والعصر في عرفة

المبحث الثاني: قصر صلاتي الظهر والعصر في عرفة

المبحث الثالث: صلاة الظهر والعصر في يوم عرفة والأذان لهما

المبحث الرابع: التطوع لصلاتي الظهر والعصر في عرفة

المبحث الخامس: حكم الصلاة فيما لو وافق يوم عرفة يوم الجمعة

المبحث السادس: خطبة يوم عرفة

المبحث السابع: الدفع إلى مزدلفة

 

هذا مع عزو الآيات وتخريج الأحاديث وبيان حكمها، وذكر أقوال أهل العلم في المسائل الخلافية ونسبتها إلى أصحابها مع ترجيح ما يظهر مبينًا أسبابه، ورأيت ألا يكون البحث مطولاً مملاًّ، ولا مختصرًا مخلاًّ، قدر الإمكان والاستطاعة، وذيّلته بخاتمة فيها أهم الأحكام والحِكم التي توصل إليها البحث.

هذا هو الجهد، وأسأل الله تعالى أن يثيب عليه وأن يجعله من المدخرات، فما فيه من صواب فمن الله تعالى وأسأله الثواب عليه، وما فيه من خلاف ذلك فأسأل الله العفو والغفران، إنه سميع قريب مجيب.

 

ثم لا أنسى شكر كل من أبدى فيه جهدًا وساعد فيه بأي نوع من أنواع العون والمساعدة، فجزاهم الله خيرا وأثابهم على ما قدموا.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين...

كتبه:

أ.د. فالح بن محمد فالح الصغيّر

 


([1]) رواه مسلم في الإيمان، باب أركان الإسلام ودعائمه العظام (16) .

([2]) رواه البخاري في الحج، باب وجوب العمرة وفضلها (1773)، ومسلم في الحج، باب في فضل الحج والعمرة ويوم عرفة (1349).

([3]) رواه البخاري في الحج، باب فضل الحج المبرور (1521) ومسلم في الحج، باب في فضل الحج والعمرة ويوم عرفة (1350).



بحث عن بحث