مقاصد الشريعة

 

ومما يحسن بيانه أن نجمل هنا المقاصد العظمى في الشريعة مع شيء من التوضيح؛ ليعلم عظم هذه الشريعة ودلالتها على ما فيه مصالح العباد في الدنيا والآخرة.

 

إن مقاصد الشريعة ــ كما قال الإمام الشاطبي رحمه الله ــ على ثلاثة أقسام:

1.     أن تكون ضرورية.

2.     أن تكون حاجية.

3.     أن تكون تحسينية.

فأما الضرورية: فمعناها أنها لا بد منها في قيام مصالح الدين والدنيا، بحيث إذا فقدت لم تجر مصالح الدنيا على استقامة، بل على فساد وتهارج وفوت حياة، وفي الأخرى فوت النجاة والنعيم، والرجوع بالخسران المبين.

 

والحفظ لها يكون بأمرين:

أحدهما: ما يقيم أركانها ويثبت قواعدها، وذلك عبارة عن مراعاتها من جانب الوجود.

والثاني: ما يدرأ عنها الاختلال الواقع أو المتوقع فيها، وذلك عبارة عن مراعاتها من جانب العدم.

ومجموع الضروريات خمسة، وهي: حفظ الدين، والنفس، والنسل، والمال، والعقل(1)

 

وأما الحاجيات: فمعناها أنها مفتقر إليها من حيث التوسعة ورفع الضيق المؤدي في الغالب إلى الحرج والمشقة اللاحقة بفوت المطلوب، فإذا لم تراع دخل على المكلفين ــ على الجملة ــ الحرج والمشقة، ولكنه لا يبلغ مبلغ الفساد العادي المتوقع في المصالح العامة.

 

وأما التحسينات: فمعناها الأخذ بما يليق من محاسن العادات، وتجنب المدنِّسات التي تأنفها العقول الراجحات، ويجمع ذلك قسم مكارم الأخلاق. وهي راجعة إلى محاسن زائدة على أصل المصالح الضرورية والحاجية، إذ ليس فقدانها بمُخِلٍّ بأمر ضروريٍ ولا حاجيٍ، وإنما جرت مجرى التحسين والتزيين(2)

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) سيأتي شيء من الكلام عنها.

(2) ينظر: كتاب الموافقات للشاطبي، 2/17-31، بتصرف.



بحث عن بحث