معيار المصلحة والمفسدة في الشريعة

 

إن المعيار الصحيح الوحيد لإدراك المصالح ودرء المفاسد في الشريعة هو القرآن وما صح عن رسول الله ﷺ من السنة؛ كما أشير إلى هذا الأصل العظيم في قوله ﷺ: «تَرَكْتُ فِيكُمْ أَمْرَيْنِ لَنْ تَضِلُّوا مَا تَمَسَّكْتُمْ بِهِمَا كِتَابَ اللّٰـهِ وَسُنَّةَ نَبِيِّهِ»(1). وقال النبي ﷺ: «مَنْ عَمِلَ عَمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُوَ رَدٌّ«(2)

 

والعقل الثاقب، والبصيرة النافذة، والفهم السليم، يساعد الإنسان في إدراك المحاسن والمفاسد المتفق عليها في جميع الشرائع. قال تعالى مقررًا ضرورة إعمال العقل والتفكر في الميادين التطبيقية: ﴿أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلَىٰ قُلُوبٍ أَقْفَالُهَا﴾ [سورة محمد: 24]. وخاطب بني آدم في كثير من الآيات بقوله: ﴿أَفَلَا تَعْقِلُونَ﴾، وبقوله: ﴿لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾، مثل قوله تعالى: ﴿حم ﴿١﴾ وَالْكِتَابِ الْمُبِينِ ﴿٢﴾ إِنَّا جَعَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾ [سورة الزخرف:1-3], وقوله تعالى: ﴿قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾ [سورة الحديد: 17]، وقوله تعالى: ﴿وَإِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِم مُّصْبِحِينَ ﴿١٣٧﴾ وَبِاللَّيْلِ ۗ أَفَلَا تَعْقِلُونَ﴾ [سورة الصافات: 137-138], وقوله تعالى: ﴿وَمَا عِندَ اللَّـهِ خَيْرٌ وَأَبْقَىٰ ۚ أَفَلَا تَعْقِلُونَ﴾ [سورة القصص: 60], وقوله تعالى: ﴿إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَّعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾ [سورة يوسف: 2], وقوله تعالى: ﴿أُفٍّ لَّكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّـهِ ۖ أَفَلَا تَعْقِلُونَ﴾ [سورة الأنبياء:67]، وغيرها من الآيات كثيرة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) الموطأ للإمام مالك برواية يحيى بن يحيى الليثي، كتاب الجامع، باب النهي عن القول بالقدر، برقم: (1619)، ص: 648.

(2) صحيح مسلم، كتاب الأقضية، باب: نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور، برقم: (1718)، ص: 762.



بحث عن بحث