سمات الداعية

للداعية الجاد سمات وصفات يجب أن يتصف بها، يجمعها: الخُلُق الحسن، ومنها على التفصيل:

1-    الإخلاص: لا يمكن أن تنجح الدعوة ويصل الداعية إلى هدفه المنشود إلا بالإخلاص لله وحده، لا أجرًا في الدنيا ولا رياءً ولا سمعةً، وإنما طمعًا في ثواب الله وأجره، ويكون شعاره: ﴿ يَا قَوْمِ لَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا ۖ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي﴾ [هود: 51]. وقد تكلمنا عن هذه النقطة فيما سبق.

2-    الصدق: ليكن الداعية صادقًا في دعوته، وليكن همه الأكبر إيصال هذه الدعوة إلى الناس، بعيدًا عن الغموض والشكوك والشبهات، وهذا ما يعينه على الثبات في دعوته. فدين الله تعالى واضح وجلي وضوح الشمس في رابعة النهار، جاء بالصدق وأمر به، فلا تحمل هذه الدعوة إلا بالصدق، ولا تبلغ إلا بالصدق، ولا تؤدي نتائجها إلا بالصدق، والصدق يهدي إلى البر، والبر يهدي إلى الجنة، كما جاء في الحديث عَن شَقِيقٍ عَن عَبْدِ الله قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله غ: عَلَيْكُمْ بِالصِّدْقِ؛ فَإِنَّ الصِّدْقَ يَهْدِي إِلَى الْبِرِّ، وَإِنَّ الْبِرَّ يَهْدِي إِلَى الجَنَّةِ، وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَصْدُقُ وَيَتَحَرَّى الصِّدْقَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ الله صِدِّيقًا، وَإِيَّاكُمْ وَالْكَذِبَ؛ فَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ، وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ، وَمَا يَزَالُ الرَّجُلُ يَكْذِبُ وَيَتَحَرَّى الْكَذِبَ حَتَّى يُكْتَبَ عِنْدَ الله كَذَّابًا(1)

3-    محبة الله ورسوله ﷺ: التي هي رأس العبودية لله سبحانه وتعالى، وهي الزاد الكبير، والوقود العظيم للداعية في طريقه، والداعية والمربي من أعظم المحبين لله تعالى ولرسوله صلى الله عليه وسلم، فكلما عظم هذا الحب في القلوب عظم في السلوك، فعلى الداعية أن يكون ثابتًا على استمرار المحبة في جميع الأوقات والأمكنة والأحوال والظروف، لا أن يكون الحب دعوى، أو في وقت دون آخر، فهذا مخادعة للنفس، ومجانبة للطريق، فالمحب ثابت في مبدئه لمن أحبه لا يكون في حال دون حال.

4-    العلم: سبق معنا أن الدعوة يجب أن تكون قائمة على العلم بالله ورسوله ودينه وشرعه، ومن ثم فالداعية يجب أن تكون دعوته على بينة وعلم بما يدعو إليه، يقول تعالى: ﴿ قُلْ هَـٰذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّـهِ ۚ عَلَىٰ بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي ۖ وَسُبْحَانَ اللَّـهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ﴾ [يوسف: 108]، والذي يدعو بغير علم قد يدعو إلى الشر ويحسبه معروفًا، أو ينهى عن المعروف ويحسبه منكرًا، فليعلم الداعية أن (لا أدري) نصف العلم، فلا يقول فيما لا يعلم، والله سبحانه وتعالى قد حرم أن يقول الناس على الله ما لا يعلمون، قال تعالى: ﴿قُلْ إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ الْفَوَاحِشَ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ وَالْإِثْمَ وَالْبَغْيَ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَأَن تُشْرِكُوا بِاللَّـهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ سُلْطَانًا وَأَن تَقُولُوا عَلَى اللَّـهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ﴾ [الأعراف: 33]

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) صحيح البخاري، كتاب الأدب، باب قول الله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ﴾ برقم: (6094)، وصحيح مسلم، كتاب البر والصلة والآداب، باب: قبح الكذب وحسن الصدق وفضله، برقم: (2607).



بحث عن بحث