طلب العلم والتفقه فيه

في هذا الحديث دلالة صريحة على أهمية العلم الشرعي وعظيم أثره، حيث جعل النبي صلى الله عليه وسلم صاحبه كالأرض التي قبلت الماء وأنبتت الكلأ والعشب، ومن هنا سنقف من أهمية طلب العلم وفضائله وما ينبغي لطالب العلم أن يتحلى به ليكون كالأرض المذكورة، فينفع نفسه وأسرته ومجتمعه، ملخصًا له من رسالة: قواعد منهجية في طلب العلم.

أهمية طلب العلم:

الحديث عن العلم والتعلم حديث تحبه النفوس المؤمنة، وترغبه الأنفس الطموحة، وتهواه العقول النيرة، فديننا الإسلامي دين العلم والمعرفة، دين النظر والتفكر، دين البحث والإنتاج، فالدين كله مبني على العلم، فلا يعبد العبد ربه على بصيرة إلا بالعلم، ولا تستقيم الأمة على المنهاج الصحيح إلا بالعلم، ولا تسير الدعوات الإصلاحية سيرًا سليمًا إلا بالعلم, وبالعلم تنتشر الرحمات, وتزال الضلالات.

والعلم حياة القلوب، ونور البصائر، وشفاء الصدور، ودليل الحائرين، والحاجة إليه أعظم من الحاجة إلى الطعام والشراب.

وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه مبينًا فضل العلم: كفى بالعلم شرفًا أن يدعيه من لا يحسنه، ويفرح به إذا نسب إليه، وكفى بالجهل ذمًّا أن يتبرأ منه من هو فيه.

بعض فضائل طلب العلم :

1-    إن العلم ميراث الأنبياء، والعلماء ورثة الأنبياء،كما صح بذلك الخبر عن سيد البشرﷺ  (1)

2-    والعلم طريق موصل إلى الجنة، روى مسلم : عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال: «من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا سهّل الله به طريقًا إلى الجنة«(2)

3-    والعلم سبب لرفعة الفرد والأمة في الدنيا والآخرة، قال تعالى: ﴿يَرْفَعِ اللَّـهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ۚ وَاللَّـهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ﴾ [المجادلة:11]

4-    والعالم والمتعلم صاحبا نور ووضاءة في الدنيا والآخرة، فقد دعا لهما رسول الله ﷺ بقوله: «نضّر الله امرءًا سمع مقالتي فوعاها فأداها كما سمعها، فرب مبلغ أوعى من سامع«(3)

5-    والعالم والمتعلم يفترقان عن غيرهما فرقًا شاسعًا في الدنيا والآخرة, قال تعالى: ﴿قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ﴾ [الزمر:9]

6-    والعالم والمتعلم أعرف الناس بالله وأتقاهم وأخشاهم له؛ إذ إنهم عرفوا الله فعبدوه حق عبادته، قال تعالى: ﴿إِنَّمَا يَخْشَى اللَّـهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ۗ إِنَّ اللَّـهَ عَزِيزٌ غَفُورٌ[فاطر:28].

7-    وطالب العلم مأجور طوال حياته إذ إنه ساعٍ في سبيل الله، قال عليه الصلاة والسلام: «من خرج في طلب العلم فهو في سبيل الله حتى يرجع«(4)

وغيرها من الفضائل كثيرة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) فعن أبي الدرداء قال: سَمِعْتُ رَسُولَ الله غ يَقُولُ: «... وَإِنَّ الْعُلَمَاءَ وَرَثَةُ الأَنْبِيَاءِ وَإِنَّ الأَنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَارًا وَلا دِرْهَمًا وَرَّثُوا الْعِلْمَ فَمَنْ أَخَذَهُ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ» وبداية الحديث: «من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا».

(2) جزء من حديث رواه ابن ماجه في المقدمة، باب فضل العلماء والحث على طلب العلم (219) من حديث أبي هريرة ا مرفوعًا بلفظ: «من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا سهل الله له طريقًا إلى الجنة» الحديث, والترمذي في العلم باب ما جاء في فضل الفقه على العبادة (2602), وأبو داود في العلم، باب الحث على طلب العلم (3275), وأحمد في مسند الأنصار (20723), ورواه البخاري تعليقًا في كتاب العلم، باب رقم (10).

(3)  سبق  تخريجه في ص(16).

(4) أخرجه الترمذي في العلم، برقم (2647) باب فضل طلب العلم، وقال: هذا حديث حسن غريب.



بحث عن بحث