الأعمال الصالحة المتعدية إلى الغير (3)

حديث: ما من أحد يدخل الجنة بعمله

 

1- عن أبي هريرة س قال: قال رسول الله ق: «لن ينجي أحدا منكم عمله» قالوا، ولا أنت يا رسول الله قال: «ولا أنا إلا أن يتغمدني الله برحمة سددوا وقاربوا واغدوا وروحوا وشيء من الدلجة والقصد القصد تبلغوا».

 

2- وعن عائشة ك أن رسول الله ق قال: «سددوا وقاربوا وأبشروا، فإنه لا يدخل أحدا الجنة عمله» قالوا، ولا أنت يا رسول الله قال: «ولا أنا إلا أن يتغمدني الله بمغفرة ورحمة».

 

3- وفي رواية عنها: «سددوا وقاربوا واعلموا أن لن يدخل أحدكم عمله الجنة ، وأن أحب الأعمال أدومها إلى الله وإن قل».

 

ومن أمثلة الأعمال الصالحة المتعدية إلى الغير:

الدعوة إلى الله تعالى :

قد قال جل وعلا في كتابه: {قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللَّهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ}[يوسف108].

 

وقد كان النبي ق يحث أصحابه على الدعوة إلى الله تعالى، ويلهب حماستهم لذلك، ويبين ما لهم من الأجور ورفعة الدرجات عند الله إن هم قاموا بذلك.

 

وقد روى البخاري ومسلم من حديث سهل بن سعد س قال: قال رسول الله ق لعلي بن أبي طالب س: “لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم”([1]).

 

وروى مسلم من حديث أبي مسعود عقبة بن عمرو الأنصاري س، قال: قال رسول الله ق: “من دل على خير فله مثل أجر فاعله” ([2]).

وتكمن أهمية الدعوة إلى الله تعالى أنها وظيفة الرسل كما سبق، وذلك أن الناس لا بد لهم من الدعوة إلى الله تعالى ؛ لإخراجهم من الظلمات إلى النور .

 

من ظلمات الشرك والكفر إلى نور الإسلام .

 

ومن ظلمات البدع إلى نور السنة .

 

ومن ظلمات المعاصي إلى نور الطاعة والهداية .

 

ومن ظلمات الجهل إلى نور العلم، كل بحسبه([3]).

 

ومن أمثلة الأعمال الصالحة المتعدية إلى الغير أيضا:

إطعام الطعام، وسقي الماء:

إطعام الطعام، كان من الخصال التي جمعها أبو بكر مع خصال أخرى في يوم واحد، واستحق بها الجنة بفضل الله تعالى، وسقي الماء من جنس الطعام، ومع ذلك فقد ثبتت في فضله أدلة أخرى.

 

فعن عن عبد الله بن عمرو، بأن رجلا سأل النبي ق أي الإسلام خير؟ قال: “تطعم الطعام وتقرأ السلام على من عرفت ، ومن لم تعرف”([4]).

 

وعنه س عن النبي ق: “أربعون خصلة أعلاهن منيحة العنز ما من عامل يعمل بخصلة منها رجاء ثوابها وتصديق موعودها إلا أدخله الله بها الجنة”([5]).

 

وفي حديث أبي سعيد س قال: جاء أعرابي إلى النبي ق فسأله، عن الهجرة فقال: “ويحك إن الهجرة شأنها شديد، فهل لك من إبل؟” قال نعم. قال: “فتعطي صدقتها؟” قال نعم، قال: “فهل تمنح منها شيئا؟” قال نعم، قال: “فتحلبها يوم وردها”؟ قال نعم، قال: “فاعمل من وراء البحار فإن الله لن يترك من عملك شيئا”([6]).

 

وأخرج أبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجة، من حديث سعد ابن عبادة س، قال قلت: يا رسول الله إن أمي ماتت أفأتصدق عنها؟ قال: “نعم” قلت: فأي الصدقة أفضل؟ قال: “سقي الماء”([7]).

 

وفي البخاري من حديث أبي هريرة س، أن رسول الله ق قال: “بينا رجل يمشي فاشتد عليه العطش فنزل بئرا فشرب منها ثم خرج فإذا هو بكلب يلهث يأكل الثرى من العطش فقال: لقد بلغ هذا مثل الذي بلغ بي فملأ خفه ثم أمسكه بفيه ثم رقي فسقى الكلب، فشكر الله له فغفر له”، قالوا : يا رسول الله وإن لنا في البهائم أجرا قال: “في كل كبد رطبة أجر”([8]).

 


([1]) رواه البخاري ( ص : 487 رقم 2942)، كتاب الجهاد والسير، باب دعاء النبي ﷺ إلى الإسلام والنبوة، ومسلم ( ص / 1059 رقم2404 )، كتاب فضائل الصحابة، باب فضائل علي س في قصة بعث علي بن أبي طالب إلى خيبر .

([2]) رواه مسلم (ص: 847 رقم 1893)، كتاب الإمارة، باب فضل إعانة الغازي.

([3]) لمزيد من التفصيل في هذه المسألة يمكن مراجعة ما كتب حولها في كتابنا (لا حسد إلا في اثنتين).

([4]) أخرجه البخاري(ص: 5 رقم 12) كتاب الإيمان، باب إطعام الطعام من الإسلام.

([5]) صحيح البخاري(ص: 425 رقم 2631) كتاب الهبة، باب فضل المنيحة.

([6]) أخرجه البخاري في الموضع السابق(رقم 2633).

([7]) سنن أبي داود( ص: 249 رقم 1679):تاب الزكاة، باب فضل سقي الماء وسنن النسائي(517 رقم 3694) كتاب الوصايا، باب فضل الصدقة على الميت، وسنن ابن ماجه(ص: 528 رقم 3684 )، كتاب الأدب، باب فضل صدقة الماء، وهو حديث حسن.

([8]) صحيح البخاري(ص: 380 رقم 2363) كتاب المساقاة، باب فضل سقي الماء.



بحث عن بحث