حقوق المسلم(8)

 

من حقوق المسلم: أن لا يحسد أخاه المسلم، أو يظن به سوءًا أو يبغضه، أو يتجسس عليه، وأن لا يغشه أو يخدعه، أو يغدر به أو يخونه، أو يماطله في قضاء دينه، أو يؤذيه بأي صورة من صور الإيذاء القولي أو الفعلي، قال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا [الأحزاب: 58]، وقال تعالى: ﴿وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْمًا ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئًا فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا [النساء: 112]، وقال تعالى: ﴿وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا [الإسراء: 34].

 

وروى مسلم رحمه الله عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من حمل علينا السلاح فليس منا، ومن غشنا فليس منا»([2])، وقال صلى الله عليه وسلم فيما رواه مسلم رحمه الله عن أبي هريرة: «لا تحاسدوا، ولا تباغضوا، ولا تجسسوا، ولا تحسسوا، ولا تناجشوا، وكونوا عباد الله إخوانًا»(

 وروى الشيخان رحمهما الله عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «مطل الغني ظلم، وإذا أتبع أحدكم على مليء فليتبع»([4]).

 

ومن حقوق المسلم: عدم ظلمه بالقول أو بالفعل، فمن أشنع الصفات وأقبحها وأجرئها على الله: أن يظلم المسلم أخاه المسلم، فهو بهذا يرتكب إثمًا مبينًا وجرمًا عظيمًا، فليحذر عاقبته فإنّها وخيمة، ودعوة المظلوم مستجابة، ولو كان المظلوم فاجرًا ففجوره على نفسه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمعاذ رضي الله عنه عندما بعثه إلى اليمن: «واتَّقِ دعوة المظلوم فإنه ليس بينها وبين الله حجاب»( وقال صلى الله عليه وسلم: «اتقوا الظلم، فإن الظلم ظلمات يوم القيامة»([6]).

 

ومن حقوق المسلم التي نذكرها إجمالًا في ختام حديثنا عن هذه الحقوق: توقير الكبير، ورحمة الصغير، وعون الضعيف، ومساعدة المحتاج، والشفاعة في قضاء الحوائج، والعفو عن المسيء، وستر العيب، والمكافأة على المعروف، والإنصاف من النفس، والدعاء له بظهر الغيب...، في جملة حقوق جليلة، هي مناقب حميدة لمن تحلّى بها، يشهد لها -ولغيرها مما لم يُذكر- آيات بينات وأحاديث شريفة، نذكر ما تيسّر منها؛ لنتدبرها ونعيها ونجعلها نبراسًا لنا، ففيها ذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد.

 

قال تعالى: ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى [المائدة: 2]، وقال سبحانه: ﴿مَنْ يَشْفَعْ شَفَاعَةً حَسَنَةً يَكُنْ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا [النساء: 85]، وقال سبحانه: ﴿وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ [النور: 22]، ﴿فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاصْفَحْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ[المائدة: 13]، ﴿فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ[الشورى: 40].

 

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «من لم يرحم صغيرنا ويعرف حق كبيرنا فليس منا»([8])، وقال صلى الله عليه وسلم: «من نفّس عن مؤمن كربة من كرب الدُّنيا نفَّس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة، ومن يسر على معسر يسّر الله عليه في الدنيا والآخرة، ومن ستر مسلمًا ستره الله في الدنيا والآخرة، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه»(

 

 

أخي المسلم!

ها هي أبواب الأجور مفتّحة، تنادي أولي العزائم وذوي الهمم، فلنشمر لهذا الخير، ولنسابق إلى الصلة والبر، ولنجعل من حُسن الخُلُق مع الخلْق، والقيام بحقوق إخواننا المسلمين، زادًا ليومٍ لا ينفع فيه مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.

 

أسأل الله تعالى أن يعيننا على أنفسنا، وأن لا يكلنا إليها ولا إلى أحد من خلقه طرفة عين، وأن يغفر لنا ولوالدينا ولمشايخنا وولاة أمورنا وللمسلمين أجمعين، إنه سميع مجيب، وهو المستعان.


([2]) رواه مسلم في كتاب البر والصلة، باب تحريم الظن والتجسس والتنافس والتناجش ونحوها (2563).

([1]) رواه مسلم في كتاب البر والصلة، باب تحريم الظن والتجسس والتنافس والتناجش ونحوها (2563).

([4]) رواه البخاري في كتاب المظالم، باب الاتقاء والحذر من دعوة المظلوم (2448) ، ومسلم في كتاب الإيمان، باب الدعاء إلى الشهادتين (19).

([1]) رواه البخاري في كتاب المظالم، باب الاتقاء والحذر من دعوة المظلوم (2448) ، ومسلم في كتاب الإيمان، باب الدعاء إلى الشهادتين (19).

([6]) رواه البخاري في كتاب التفسير، تفسير سورة هود (4686)، ومسلم في كتاب البر والصلة، باب تحريم الظلم (6524).

([8]) رواه مسلم في كتاب الذكر والدعاء، باب فضل الاجتماع على تلاوة القرآن (2699).

([1]) رواه مسلم في كتاب الذكر والدعاء، باب فضل الاجتماع على تلاوة القرآن (2699).



بحث عن بحث