من حقوق الزوج

 

أيها المسلمون الكرام!

أما حقوق الزوج فعظيمة، وليس هناك حق أعظم من حق الزوج على زوجته، فحقه مقدم على حقوق والديها وأقرب الناس إليها.

 

فمن حقوق الزوج: الطاعة بالمعروف؛ بأن تكون فيغير معصية الله تعالى، وألا يترتب عليها ضرر، قال تعالى: ﴿وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ [البقرة: 228]، وقال سبحانه: ﴿الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ [النساء: 34]، ومن مقتضى هذه القوامة: الطاعة بالمعروف، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يصلح لبشر أن يسجد لبشر، ولو صلح لبشر أن يسجد لبشر لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها مِنْ عِظَمِ حقه عليها»([2]).

 

وسألت عائشة رضي الله عنها رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيّ الناس أعظم حقًّا على المرأة؟ قال: «زوجها»(

وفي حديث آخر: «إنما هو جنتك ونارك» أي: إن أطاعته دخلت الجنة، وإن عصته دخلت النار.

 

وروى الإمام أحمد وغيره عن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا صلت المرأة خمسها، وصامت شهرها، وحفظت فرجها، وأطاعت زوجها؛ قيل لها: ادخلي من أي أبواب الجنة شئت»([4]).

 

وبالطاعة تستقر الحياة الزوجية، وتستقيم الأسرة، وينعم أفرادها ويسعدون في دنياهم وأخراهم، والواجب على الزوج أن يراعي الله في هذا الحق، فلا يأمرها إلا بما هو خير وحق، وعليه أن يتحلى بالخلق الرفيع عندما يأمر وينهى؛ حتى تحصل له الطاعة عن طيب نفس ورضا.

ثانيًا: ومن حقوق الزوج: استقرارها في بيته، وعدم خروجها منه إلا بإذنه إلا في حالة ضرورة، ولو لزيارة والديها أو أقرب الناس إليها، قال تعالى مخاطبًا أمهات المؤمنين أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم: ﴿وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى [الأحزاب: 33]، ولأهمية قرارها في بيتها جُعلت صلاتها في بيتها أفضل منها في المسجد، وإن كان لا ينبغي للزوج منعُها من أداء العبادة في المسجد، لكن بيتها أفضل، ومما ينبغي أن تعلمه الزوجة أنها إذا خرجت من بيتها فعليها أن تخرج بكامل حجابها وحشمتها وسترها، وأن لا تخرج مبدية زينة أو متطيبة، فإن خرجت كذلك لَحِقَها الإثم والوعيد، واستشرفها الشيطان، كما صح بذلك الخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم

ثالثًا: أن ترعى بيته، وأن تصونه؛ فلا تدخل فيه أجنبيًّا أو شخصًا يكرهه، ولو كان أخاها أو أحدًا من محارمها، جاء في الحديث الصحيح: «فاتقوا الله في النساء، فإنكم أخذتموهن بأمانة الله، واستحللتم فروجهن بكلمة الله، ولكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحدًا تكرهونه»(

 

كما عليها أن ترعى مال زوجها وتحافظ عليه، ولا تكلفه ما لا يطيق من النفقة أو الكسوة، أو القوت، قال تعالى: ﴿لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ[الطلاق: 7].

 

رابعًا: التزين والتصنع له؛ لأجل أن ترغبه في نفسها، والتودد والتحبب له، بأن تكون ودودًا تبتسم في وجهه، وتتلطف في مخاطبته، فقد وصف الله تعالى نساء الجنة بقوله: ﴿عُرُبًا أَتْرَابًا [الواقعة: 37]، والعروب: هي المتوددة إلى زوجها.

 

وأن تحقق مطالبه الخاصة، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت، فبات غضبان عليها؛ لعنتها الملائكة حتى تصبح»([6]).

 

سادسًا: أن تعترف بفضله، وأن لا تكفر نعمته أو تجحدها، أو تنكر معروفه، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «واطلعت في النار فرأيت أكثر أهلها النساء»، فسألته امرأة عن السبب فقال صلى الله عليه وسلم: «يكفرن العشير، ويكفرن الإحسان، لو أحسنت إلى إحداهن الدهر، ثم رأت منك شيئًا، قالت: ما رأيت منك خيرًا قط»(

 

أيها المسلمون الكرام! رحم الله القائل: «فرحم الله رجلًا محمود السيرة، طيب السريرة، سهلًا رفيقًا، رحيمًا بأهله، حازمًا في أمره، لا يكلف شططًا، ولا يهمل في مسؤولية، ورحم الله امرأة لا تطلب غلطًا، ولا تكثر لغطًا، صالحة قانتة، حافظة للغيب بما حفظ الله».

ألا فليتق الله من أراد سعادة الدارين، اتقوا الله أيها الأزواج! اتقين الله أيتها الزوجات! ولتجعلوا بيوتكم مصادر نور وهداية، ولا تجعلوها أوكارًا للشيطان ومأوى لأعداء الرحمن.

أسأل الله تعالى أن يرزقنا الإخلاص في القول والعمل، وأن يحفظنا بحفظه ويكلأنا برعايته، إنه سميع مجيب، وهو المستعان.

 

([2]) رواه البزار والحاكم، كما في الترغيب والترهيب للمنذري (3/53)، وحسنه المنذري.

([4]) رواه مسلم في كتاب الحج، باب حجة النبي صلى الله عليه وسلم (1218)، وأبو داود في كتاب المناسك، باب صفة حجة النبي صلى الله عليه وسلم (1905).

([1]) رواه مسلم في كتاب الحج، باب حجة النبي صلى الله عليه وسلم (1218)، وأبو داود في كتاب المناسك، باب صفة حجة النبي صلى الله عليه وسلم (1905).

([6]) رواه البخاري في كتاب النكاح، باب لا تأذن المرأة في بيت زوجها لأحد إلا بإذنه (5195)، ومسلم في كتاب الزكاة، باب ما أنفق العبد من مال مولاه (1026).

([7]) رواه البخاري في كتاب النكاح، باب كفران العشير (5198) ، ومسلم في كتاب الكسوف، باب ما عرض على النبي صلى الله عليه وسلم (907).



بحث عن بحث