من ثمرات بر الوالدين

 

إجابة الدعاء، روى البخاري ومسلم في حديث الثلاثة الذين انطبق عليهم الغار، ودعوا الله بصالح أعمالهم، فقال أحدهم: «اللهم إنه كان لي والدان شيخان كبيران، وامرأتي، ولي صبية صغار أرعى عليهم، فإذا أرحت عليهم حلبت، فبدأت بوالديَّ فسقيتهما قبل بنيّ، وإنه نأى بي ذات يوم الشجر فلم آت حتى أمسيت، فوجدتهما قد ناما، فحلبت كما كنت أحلبُ، فجئت بالحلاب، فقمت عند رؤوسهما أكره أن أوقظهما من نومهما، وأكره أن أسقي الصبية قبلهما، والصبية يتضاغون -أي: يصيحون- عند قدمي، فلم يزل ذلك دأبي ودأبهم حتى طلع الفجر، فإن كنت تعلم أنِّي فعلت ذلك ابتغاء وجهك فافرج لنا منها فرجة نرى منها السماء، ففرج الله منها فرجة، فرأوا منها السماء...»([ii])، وأقرب الرحم: الوالدان.

 

ومن ثمرات البر: رضا الله سبحانه وتعالى عن البار، روى الترمذي وغيره بسند صحيح عن عبد الله بن عمر بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «رضا الرب في رضا الوالد، وسخط الرب في سخط الوالد»([iv]).

 

هذا جزاء من ثمرات البر.

 

 

وإليك -أخي المسلم- جزءًا من نتائج العقوق وعدم البر:

فمما مر في الأدلة السابقة: أن العقوق سبب لسخط الله تعالى، وسبب لدخول النار، والعياذ بالله! وأنه من أكبر الكبائر، روى الشيخان عن أبي بكرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ألا أنبئكم بأكبر الكبائر؟» ثلاثًا، قالوا: بلى يا رسول الله! قال: «الإشراك بالله، وعقوق الوالدين...»([vi]).

 

ومما يجازى به العاق لوالديه: أن العقوبة تعجّل له قبل مماته، فضلًا عن عذاب الآخرة، فعن أبي بكرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «ما من ذنب أجدر أن يعجل الله لصاحبه العقوبة في الدنيا، مع ما يدخر له في الآخرة من البغي وقطيعة الرحم»(

 

ومن تعجيل العقوبة: أن يقع العقوق للعاق من أبنائه، فالجزاء من جنس العمل، وقد قيل: «بروا آباءكم تَبَرّكم أبناؤكم».

 

 

أخي المسلم!

واعلم أن حق الأم يضاعف على حق الأب ثلاثًا؛ لورود ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم صريحًا.

 

ولذا: أوصي نفسي وإخواني المسلمين بالاعتناء بهذا الحق العظيم، فاذكروا آباءكم وأمهاتكم أحياءً وأمواتًا، وبروهم وقوموا بحقوقهم، لا حرمكم الله تعالى أجر ذلك ومثوبته.

 

أسأل الله تعالى أن يغفر لنا ولوالدينا ولمشايخنا ولجميع من له حق علينا، إنه سميع مجيب، وهو المستعان.


([ii]) رواه البخاري في كتاب الأدب، باب من بسط له في الرزق بصلة الرحم (5985)، ومسلم في كتاب البر والصلة، باب صلة الرحم (2557).

([iv]) رواه مسلم في كتاب البر والصلة، باب رغم أنف من أدرك أبويه أو أحدهما... (2551).

([vi]) رواه النسائي في كتاب الزكاة، برقم (2561).

([vii]) رواه الترمذي في صفة القيامة، باب(57)، برقم (2511)، وابن ماجه في الزهد، باب البغي (4211)، واللفظ لهما، ورواه أبو داود في الأدب، باب النهي عن البغي (4902).



بحث عن بحث