العبادات ترجع إلى أربعة أنواع



 

العبادات ترجع إلى أربعة أنواع، وهي إجمالًا:



النوع الأول: عبادات قلبية مناطها القلب.

النوع الثاني: عبادات قولية تتعلّق باللسان.

النوع الثالث: عبادات عملية تؤدى بالجوارح.

النوع الرابع: عبادات مالية تتعلق بالأموال.

 

 

النوع الأول:

عبادات قلبية مناطها القلب وحده، وهذا النوع أهم الأنواع، وهو الأساس لبقية الأنواع، ومن أمثلته:

 

1- المحبة: والمقصود بها: محبة الله، التي هي أرفع المحاب وأنفعها، ولا يصح إيمان العبد إلا بها، ولا يستقيم عمله إلا بسلوك طريقها، قال تعالى: ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَن يَتَّخِذُ مِن دُونِ اللَّهِ أَندَادًا يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللَّهِ ۖ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِّلَّهِ [البقرة: 165]، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ثلاث من كُنَّ فيه وجد حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما...» الحديث(

 

والمحبة الحقيقية هي التي تدفع صاحبها للعمل بما يرضي ربه جل وعلا، ومن خالف ذلك فقد عمل بخلاف ما ادّعاه، وعلامة صدق هذه المحبة هي اتباع محمد صلى الله عليه وسلم، قال تعالى: ﴿قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ﴾ [آل عمران: 31]، وعليه فلا يكمل إيمان العبد حتى يقوم بهذه المحبة المقدمة على جميع المحاب، حتى محبة الوالد والولد والنفس والناس أجمعين، كما صح ذلك عن النبي صلى الله عليه وسلم

 

 

2- الخوف:

 

والمقصود به الخوف من الله تعالى: وهو من أهم العبادات القلبية، قال تعالى: ﴿فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ [آل عمران: 13]، وقال سبحانه: ﴿أَتَخْشَوْنَهُمْ ۚ فَاللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَوْهُ [التوبة: 13]، وقال سبحانه: ﴿فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلَا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَنًا قَلِيلًا [المائدة: 44]، وقال سبحانه: ﴿وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ [الرحمن: 46].

 

وغيرها من الآيات الدالة على هذه العبادة العظيمة، والتي لا يكفي فيها الادِّعاء باللسان فحسب؛ بل هو شعور في القلب يجعل صاحبه حذرًا ممن يخافه، فمن خاف الله اتقاه، وعمل برضاه، وابتعد عما يسبب سخطه وغضبه، قال الإمام ابن القيم :: «والخوف المحمود الصادق: ما حال بين صاحبه وبين محارم الله عز وجل» ا.ه كلامه رحمه الله.

 

 

3- الرجاء:

وهو التطلع إلى رحمة الله تعالى وفضله ومنته وكرمه، وهو ثلاثة أنواع:

 

أ رجاء من شخص عمل بطاعة الله تعالى فهو يرجو ثوابها.

 

ب رجاء من شخص أذنب ذنوبًا ثم تاب منها، فهو راجٍ لمغفرة الله وعفوه.

 

وهذان رجاءان محمودان.

 

ج - ورجاء من شخص متمادٍ في التفريط وكسب الخطايا، فهو يرجو رحمة الله تعالى بلا عمل، وهذا رجاء كاذب، فالرجاء الصادق لا يصح إلا مع العمل، قال تعالى: ﴿فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا﴾ [الكهف: 110]، وقال سبحانه: ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَٰئِكَ يَرْجُونَ رَحْمَتَ اللَّهِۚ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ [البقرة: 218].

 

 

أخي المسلم!

ينبغي أن نستشعر هذه المعاني العظيمة بقلوبنا، وينطق بها لسان حالنا، ويظهر أثرها على جوارحنا، حركةً وسكونًا، نطقًا وصمتًا، محبةً لله تعالى، وخوفًا من عقابه، ورجاء لرحمته؛ لعل الله سبحانه وتعالى أن يجعلنا ممن قال فيهم: ﴿وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ [الإسراء: 57].

 

أسأل الله تعالى أن يزيدنا محبةً فيه، وخشيةً له، وإقبالًا على طاعته ومرضاته، إنه سميع مجيب، وهو المستعان.

 

وللحديث بقية في الدرس القادم إن شاء الله تعالى.


([i]) رواه البخاري في كتاب الإيمان، باب حلاوة الإيمان (16)، ومسلم في كتاب الإيمان، باب بيان خصال من اتصف بهن وجد حلاوة الإيمان (43).



بحث عن بحث