من أسباب عدم الاستقامة (2-2)

4-الابتلاء بداء المنطق التبريري:

والمقصود أن بعض مَن لديهم تقصير في الاستقامة، يحاولون أن يوجدوا لكل تقصير مبرراً، تقول مثلاً: لماذا لم تصلِّ الفجر مع الجماعة؟ يجيبك: لأني نمت متأخراً، لماذا لا تعفي لحيتك؟ يجيبك: لأني أرى بعض الملتحين يكذب أو يغش... فيزين له الشيطان ذلك المنطق فيستسيغه، دون النظر إلى عمق آثار هذا المنطق، فيستمر على ذلك حتى يرديه المهالك.

5-التسويف:

وهو من أشد الأشياء خطورة؛ لأن التسويف سيف حاد يقصم ظهر الإنسان، وقد أرشدنا الشرع الكريم أن نبادر إلى أعمال الخير، وأن نسارع إليها، ونتنافس فيها، لا نتكاسل، ولا نتأخر، ولا نسوّف، ولا نؤخر عمل اليوم إلى الغد؛ لأن الغد لا يعلم عنه إلا الله.

6-عدم معرفة الغاية من هذه الحياة:

وهذه آفة أعظم البشر، والذي لا يعرف الغاية من خلقه ووجوده يتخبط خبط عشواء، فلا يستقيم على جادة، أو يتصور الغاية، لكن تطغى عليها غايات الدنيا.

7-أصدقاء السوء وزملاء الرذيلة:

الذين يفتحون أبواب الشر، ويغلقون أبواب الخير، ولا شك أن المرء يُعْرَف بأصدقائه ومجالسيه، فإن كانوا إلى الخير أقرب كان كذلك والعكس أيضاً، وقد حذر المولى جل وعلا من هؤلاء الذين هم عوامل هدم وتخريب، قال تعالى: ﴿وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَىٰ يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا . يَا وَيْلَتَىٰ لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا(1)، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مثل الجليس الصالح والجليس السوء كمثل صاحب المسك وكير الحداد، لا يعدمك من صاحب المسك إما تشتريه أو تجد ريحه، وكير الحداد يحرق بدنك أو ثوبك، أو تجد منه ريحاً خبيثة«(2)

فليتنبَّه إلى هذا الأمر الجَلَل.

هذه جملة من الأسباب التي تُضعف استقامة العبد على دينه والتزامه فيه، فيجب على المسلم دراسة حاله، والتفكير فيها التفكير الجاد، وأن يعالج موطن النقص والخلل فيستقيم على الجادة حتى يلقى الله على ذلك.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) [الفرقان:27-29]

(2) رواه البخاري في البيوع، باب في العطار وبيع المسك (2101)، ومسلم في البر والصلة، باب استحباب مجالسة الصالحين ومجانبة قرناء السوء (2628).

 



بحث عن بحث