من أسباب عدم الاستقامة (1-2)

عدم الاستقامة له أسباب كثيرة بعضها ظاهر وبعضها خفي، وعلى المسلم أن يتعرف عليها ويجتنبها حتى لا تخدش استقامته، ومنها:

1-ضعف العلم:

كل طاعة تركت، أو معصية ارتكبت من أهم أسبابها الجهل بعظمة الله، أو بالشريعة، أو بمسألة معينة، مثل من يعلم أن سماع الأغاني حرمه الله تعالى في الكتاب الكريم والرسول صلى الله عليه وسلم في السنة، ومع ذلك يعرف ذلك الرجل أن الله يعلم السر وأخفى، والغيب والشهادة له سواء، وأن الله سيعاقب من يسمع الأغاني؛ فلا نتصور أن مثل هذا الشخص يتجرأ على سماع الأغاني، وسبب سماعه الأغاني إما أن يكون جهله بأن الشرع حرّم سماعها، أو أنه يعلم حكم الشرع فيها ولكن غاب عنه الإحساس بعظمة الله وقدرته، وأن الله يعاقب من فعل هذا. فارتكب هذا المحظور.

2-ضعف الإيمان:

لا شك أن الإيمان بالله تعالى يبعد العبد عن معصية الله، ويقربه إلى طاعته، ولكن عدمه أو ضعفه يقرب العبد إلى المعصية، ويبعده عن الطاعة، مثل الإيمان بأن الله خالقه ورازقه، وأنه قادر على معاقبته، حين ارتكاب المعصية يجعل العبد يتوقف أكثر من مرة قبل ارتكاب أي معصية، أو ترك أي فريضة.

3-حب الدنيا:

من المال والزوجة والأولاد أكثر من حب الله ورسوله، قيل في المثل: «حب الشيء يعمي ويصم»، وقال تعالى: ﴿إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ(1)  ، وقال: ﴿إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَّكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ(2) ، وروى الترمذي عن ابن عباس وقد سأله رجل عن هذه الآية: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَّكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ﴾ قال: «هؤلاء رجال أسلموا من أهل مكة، وأرادوا أن يأتوا النبي صلى الله عليه وسلم ، فأبى أزواجهم وأولادهم أن يدعوهم أن يأتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم  رأوا الناس قد فقهوا في الدين فهموا أن يعاقبوهم؛ فأنزل الله ﻷ: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ عَدُوًّا لَّكُمْ فَاحْذَرُوهُمْ﴾ الآية

ففي هذه الآيات تحذير لمن كانت الدنيا من الأموال والأولاد والأزواج والأقارب أحب إليه من الله ورسوله، والجهاد في سبيل الله، قال تعالى: ﴿قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُم مِّنَ اللَّـهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّىٰ يَأْتِيَ اللَّـهُ بِأَمْرِهِ ۗ وَاللَّـهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ(3) .

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) [التغابن:15]

(2) [التغابن:14]

(3) [التوبة:24]



بحث عن بحث