الوقفة الخامسة: ﴿اقرأ باسم ربك الذي خلق﴾

للعلم أهمية كبرى في ديننا الحنيف، وأهميته تتبين في أن أول ما نزل هو قوله: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ . خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ . اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ .الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ . عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ}(1)

والحديث عن العلم والتعلم حديث تحبه النفوس المؤمنة، وترغبه الأنفس الطموحة، وتهواه العقول النيرة، فديننا الإسلامي دين العلم والمعرفة، دين النظر والتفكر، دين البحث والإنتاج، فالدين كله مبني على العلم.. العلم بالله تعالى وبدينه، والعلم بأمره ونهيه، والعلم بمنهاج نبيه صلى الله عليه وسلم، فلا يعبد العبد ربه على بصيرة إلا بالعلم، ولا تستقيم الأمة على المنهاج الصحيح إلا بالعلم، ولا تسير الدعوات الإصلاحية سيرًا سليمًا إلا بالعلم.

ومن هنا كان للعلم مكانة لا يوازيها شيء، ولذلك قال علي بن أبي طالب رضي الله عنها: «كفى بالعلم شرفًا أن يدعيه من لا يحسنه، ويفرح به إذا نسب إليه، وكفى بالجهل ذمًّا أن يتبرأ منه هو فيه«.

- والعلم سبب لرفعة الفرد والأمة في الدنيا والآخرة، قال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّهُ لَكُمْ ۖ وَإِذَا قِيلَ انشُزُوا فَانشُزُوا يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ۚ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ}(2) .

- والعلم طريق موصل إلى الجنة، روى مسلم : عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا سهّل الله به طريقًا إلى الجنة«(3).

- والعلم ميراث الأنبياء، والعلماء ورثة الأنبياء، كما صح بذلك الخبر عن سيد البشر صلى الله عليه وسلم(4).

- والعالم والمتعلم صاحبا نور ووضاءة في الدنيا والآخرة، فقد دعا لهما رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله: «نضّر الله امرءًا سمع مقالتي فوعاها فأداها كما سمعها؛ فرب مبلغ أوعى من سامع«(5)

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) [العلق:1-5]

(2) [المجادلة:11]

(3) للتوسع في هذا الموضوع يرجع إلى كتابنا (المنهجية في طلب العلم).

(4) جزء من حديث رواه ابن ماجه في المقدمة، باب فضل العلماء والحث على طلب العلم (219) من حديث أبي هريرة ا مرفوعًا بلفظ: (من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا سهل الله له طريقا إلى الجنة) الحديث، والترمذي في العلم، باب ما جاء في فضل الفقه على العبادة (2602) وأبو داود في العلم، باب الحث على طلب العلم (3275) وأحمد في مسند الأنصار (20723). ورواه البخاري تعليقًا في كتاب العلم، باب رقم (10).

(5) فعن أبي الدرداء قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ غ يَقُولُ: «... وَإِنَّ الْعُلَمَاءَ وَرَثَةُ الأَنْبِيَاءِ، وَإِنَّ الأَنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَارًا وَلا دِرْهَمًا وَرَّثُوا الْعِلْمَ؛ فَمَنْ أَخَذَهُ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ» وبداية الحديث: «من سلك طريقًا يلتمس فيه علمًا» انظر الهامش السابق.




بحث عن بحث