الوقفة الأولى: محبة الله تعالى لعباده المؤمنين

11-محبة أحباب الله وأوليائه، فتحبهم وتحب الخير لهم، وتتمنى لهم الخير، وتدعو لهم، وتقول في دعائك: {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِن بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِّلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ}(1)، وعن عُمَرَ بْن الْخَطَّابِ قَالَ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ مِنْ عِبَادِ الله لأُنَاسًا مَا هُمْ بِأَنْبِيَاءَ وَلا شُهَدَاءَ يَغْبِطُهُمْ الأَنْبِيَاءُ وَالشُّهَدَاءُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ بِمَكَانِهِمْ مِنْ الله تَعَالَى». قَالُوا: يَا رَسُولَ الله تُخْبِرُنَا مَنْ هُمْ؟ قَال: «هُمْ قَوْمٌ تَحَابُّوا بِرُوحِ الله عَلَى غَيْرِ أَرْحَامٍ بَيْنَهُمْ، وَلا أَمْوَالٍ يَتَعَاطَوْنَهَا، فَوَالله إِنَّ وُجُوهَهُمْ لَنُورٌ وَإِنَّهُمْ عَلَى نُور، لا يَخَافُونَ إِذَا خَافَ النَّاسُ، وَلا يَحْزَنُونَ إِذَا حَزِنَ النَّاسُ. وَقَرَأَ هَذِهِ الآيَةَ: {أَلَا إِنَّ أَوْلِيَاءَ اللهِ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ(2)(3).

12-الإكثار من أعمال البِر، وخاصة في مواسم الخيرات، مثل رمضان، وعشر ذي الحجة؛ فإن الأجر فيها مضاعف، والأعمال فيها أحب إلى الله، فعَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: «مَا مِنْ أَيَّامٍ الْعَمَلُ الصَّالِحُ فِيهَا أَحَبَّ إلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ مِنْ هَذِهِ الْأَيَّامِ» – يَعْنِي: أَيَّامَ الْعَشْرِ-، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ! وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ؟ قَالَ: «وَلَا الْجِهَادُ فِي سَبِيلِ اللهِ، إلَّا رَجُلٌ خَرَجَ بِنَفْسِهِ وَمَالِهِ، ثُمَّ لَمْ يَرْجِعْ مِنْ ذَلِكَ بِشَيْءٍ»(4).

13-البُعد عن المحرمات صغيرها وكبيرها.

14-الحرص كل الحرص على متَابعة الرسول صلى الله عليه وسلم، يقول تعالى:{قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}(5).

15-أن يكون في استعداد تام للقاء الله ﻷ في كل حين، حيث يؤدي كل ما يجب عليه من حقوق ربه، وحقوق الآدميين؛ فمن يكون كذلك فهو المستعد للقاء الله عز وجل، وهو قد أحبه الله سبحانه وتعالى، قال تعالى:{قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يُوحَىٰ إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَٰهُكُمْ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ ۖ فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا}(6)، وقال النبي عليه الصلاة والسلام: «مَنْ أحَبَّ لِقَاءَ الله أَحَبُّ الله لِقَاءَهُ، وَمَن كَرِهَ لِقَاءَ الله كَرِهَ الله لِقَاءَهُ«(7).

16-وفي حديث أبي ذر عَن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَال: «ثَلاثَةٌ يُحِبُّهُمْ اللهُ، وَثَلاثَةٌ يُبْغِضُهُمْ اللهُ؛ فَأَمَّا الَّذِينَ يُحِبُّهُمْ اللهُ: فَرَجُلٌ أَتَى قَوْمًا فَسَأَلَهُمْ بِالله، وَلَمْ يَسْأَلْهُمْ بِقَرَابَةٍ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُمْ فَمَنَعُوهُ، فَتَخَلَّفَ رَجُلٌ بِأَعْقَابِهِمْ فَأَعْطَاهُ سِرًّا؛ لا يَعْلَمُ بِعَطِيَّتِهِ إِلاّ اللهُ وَالَّذِي أَعْطَاهُ. وَقَوْمٌ سَارُوا لَيْلَتَهُمْ حَتَّى إِذَا كَانَ النَّوْمُ أَحَبَّ إِلَيْهِمْ مِمَّا يُعْدَلُ بِهِ نَزَلُوا فَوَضَعُوا رُءُوسَهُمْ، فَقَامَ أَحَدُهُمْ يَتَمَلَّقُنِي وَيَتْلُو آيَاتِي، وَرَجُلٌ كَانَ فِي سَرِيَّةٍ، فَلَقِيَ الْعَدُوَّ فَهُزِمُوا، وَأَقْبَلَ بِصَدْرِهِ حَتَّى يُقْتَلَ أَوْ يُفْتَحَ لَهُ، وَالثَّلاثَةُ الَّذِينَ يُبْغِضُهُمْ اللهُ: الشَّيْخُ الزَّانِي، وَالْفَقِيرُ الْمُخْتَالُ، وَالْغَنِيُّ الظَّلُومُ«(8).

وبعد: فمحبة الله غالية، والطريق إليها سهل وميسور، فعلى العبد أن يتقي الله، وأن يختار من الأعمال والأقوال والأخلاق ما يحببه إلى الله، ويقربه إليه؛ فإن في ذلك السعادة في الدنيا والآخرة، ومن أحبه الله: كان سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها، وكان من أوليائه الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) [الحشر:10]

(2) رواه أبوداود في البيوع، باب في الرهن، رقم: (3527).

(3) [يونس:62]

(4) رواه البخاري في العيدين، باب فضل العمل في أيام التشريق، رقم: (969)، وأبو داود -واللفظ له- في الصيام، باب في صوم العشر، رقم: (2438).

(5) [آل عمران:31]

(6) [الكهف:110]

(7) رواه البخاري في الرقاق، باب من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه، رقم: (6507)، ومسلم في الذكر والدعاء، باب من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه، ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه، رقم: (2421).

(8) رواه الترمذي في صفة الجنة، باب أحاديث في صفة الثلاثة الذين يحبهم الله، رقم: (2568)، والنسائي في الصلاة، باب فضل صلاة الليل في السفر، رقم: (1616)، وفي الزكاة، باب من يسأل بالله عز وجل ولا يعطي به، رقم: (2571).



بحث عن بحث