الـمسألة الحادية والعشرون:

الإنكار في مسائل الخلاف

قوله: «من رأى منكم منكرًا..»، في حال كونه منكرًا لا إشكال في وجوب تغييره، ولكن في حال عدم الاتفاق على كونه منكرًا. بمعنى: هل يجوز أو يسوغ الإنكار في مسائل الخلاف؟

هنا تتردد مسألة: (لا إنكار في مسائل الخلاف) والصواب -والله أعلم- أن هذه الجملة ليست على إطلاقها؟ ففيها تفصيل، ومنه: أنه لا خلاف بين أهل العلم المعتبرين أنه ينكر على المخالفين لأهل السنة والجماعة في أمور الاعتقاد، وما عُلم من الدين بالضرورة، وما اتفق على الأحكام فيه، وما كان الخلاف فيه شاذًّا غير معتبر، ونحو ذلك.

أما مسائل الفروع فقد تنوع كلام أهل العلم فيها، ونقل ابن مفلح : في الآداب الشرعية فصلًا جميلًا في هذه المسألة يحسن الرجوع إليه وتدبره، وقبل أن أنقل ما نقله عن ابن تيمية :أنقل كلمة الإمام النووي لجودتها واختصارها. قال: «ثم العلماء إنما ينكرون ما أجمع عليه، أما المختلف فيه فلا إنكار فيه؛ لأنه على أحد المذهبين كل مجتهد مصيب، وهذا هو المختار عند كثيرين من المحققين أو أكثرهم، وعلى المذهب الآخر المصيب واحد، والمخطئ غير متعين لنا، والإثم مرفوع عنه، لكن إن ندبه على جهة النصيحة إلى الخروج من الخلاف فهو حسن محبوب مندوب إلى فعله برفق؛ فإن العلماء متفقون على الحث على الخروج من الخلاف إذا لم يلزم منه إخلال بسنة، أو وقوع في خلاف آخر...»([2]).

والخلاصة:

أن مسائل الاعتقاد، ومسائل الإجماع، وما كان الخلاف فيها شاذًّا فينكر على المخالف، أما إذا كانت المسألة من مسائل الفروع ولكل قول دليله من الكتاب أو السنة فلا إنكار، وإنما نصيحة ومناقشة وبيان.


([2]) الآداب الشرعية، لابن مفلح (1/189).



بحث عن بحث