الوقفة الأولى

قال ابن عباس م: كنت خلف النبي ﷺ يومًا فقال لي: «يا غلام! إني أعلمك كلمات». وفي هذا فائدتان:

الفائدة الأولى: اهتمام النبي ﷺ بتوجيه أمته، وتنشئتها على العقيدة السليمة، والأخلاق الفاضلة، والسلوك المستقيم؛ فنلاحظ هنا أنه ﷺ حين ركب معه هذا الغلام الصغير لقَّنه كلمات قليلة الألفاظ، كبيرة المعنى، لها آثارها ونتائجها في الدنيا والآخرة.

وهذه السمة - أعني الاهتمام بالجيل الناشئ، وتربيتهم على العقيدة السليمة - ينبغي أن تكون سمة المصلحين والمربين والمعلمين، فهم الذين تحملوا ميراث النبوة، وحملوا على عاتقهم مهمة محمد ﷺ هادي البشرية إلى الخير، ومنقذها من الضلالة، ومرشدها إلى صراط الله المستقيم.

لكن الملاحظ أن بعضًا ممن ولي شيئًا من أمر الإصلاح أو التربية أو التعليم لا يعطي هذا الجانب حقه من العناية، سواء أكان مديرًا أو معلمًا أو موجهًا، فيصرف كثيرًا من الأوقات هدرًا بدون فوائد تذكر على الناشئة، وهذا أمر لا ينبغي، حيث إن جيل اليوم هم قادة المستقبل وموجهوا الأمة، فالاهتمام بهم ورعايتهم في غاية الأهمية والضرورة.

الفائدة الثانية: قوله ﷺ: «يا غلام! إني أعلمك كلمات...»، فيه أهمية الأسلوب الحسن لتربية الناشئة، فالوصية التي سيوصي رسول الله ﷺ ابن عباس بها لها أهمية عظيمة، ومكانة كبيرة، ولذا يستجمع ذهن هذا الغلام، ويحضر قلبه بمناداته، ثم يشوِّقه إلى ما سيقوله له، ويلفت انتباهه إلى نفاسة الوصية التي سيدلي بها إليه، فيقول: «إني أعلمك كلمات»، كل هذا من باب التشويق والانتباه، ولذا ينبغي على المعلم والمعلمة أن يراعيا الأسلوب المناسب في عرض ما لديهما من معلومات ومعارف للتلاميذ، وكذا على الأب والأم والمربي أن يراعوا ذلك مع من يقوموا بتربيتهم؛ لأجل أن تأخذ وصاياهم مكانها المفيد عند السامع.

وعليه: فمن مهام المربي الناجح استعمال أسلوب التشويق، ولفت الانتباه حتى يصغي المتعلم إلى ما سيقوله المعلم.



بحث عن بحث