شهر رمضان (1-9)

 

التربية على الصبر من أبرز مرامي الصيام حتى سمى النبي -صلى الله عليه

وسلم- شهر الصيام: بشهر الصبر إذ في الصوم (تربية لقوة الإرادة على كبح جماح الشهوات وأنانية النفوس، ليقوى صاحبها على ترك مألوفاته أكلاً أوشرباً أو متاعاً، فيكون قوي الإرادة في الإقدام على أوامر الله، -صلى الله عليه وسلم- التي من أعظمها حمل الرسالة المحمدية والدفع بها إلى الأمام، ساخراً بما أمامه من كل مشقة وصعوبة.. والصوم يمثل ضرباً من ضروب الصبر، الذي هو الثبات في القيام بالواجب في كل شأن من شؤون الحياة) إذ يصبر فيه الإنسان نفسه على طاعة الله (تعالى) بالوقوف عند حدوده فعلاً وتركاً، قال تعالى بعد أن ذكر شيئاً من أحكام الصيام [تلك حدود الله فلا تقربوها] [البقرة: 187]، كما يضبطها ويمنعها عن لذاتها طواعية وامتثالاً لأمر الله (تعالى) وطلباً لثوابه، وفي ذلك من التربية على قوة العزيمة والإرادة ما يجعل الإنسان متحكماً في أهوائه وشهواته.

ثالثا :  التربية على الاستسلام والخضوع لله (تعالى) :

يربي الصيامُ المسلم على ضبط نفسه الأمارة بالسوء، ويمكنه من السيطرة

عليها والإمساك بزمامها، بحيث لايكون مستسلماً لها بل مستسلماً لأوامر ربه

خاضعاً منقاداً لنواهيه، مؤثراً لمحابه سبحانه، مقدماً لها على رغائب الجسد

وشهواته.

رابعا : إنشاء الخوف من الله (تعالى) ومراقبته:

الصيام عبادة خالصة بين العبد وربه، ولذا فإنه يربي في المسلم الخوف من

الله (تعالى) ومراقبته والتطلع لثوابه، إذ بإمكانه أن يُظهر الصيام أمام الخلق وهو غير صائم أصلاً، سواء أكان عن طريق تناول شيء من المفطرات، أو بمجرد فقدان النية، وإن أمسك عنها طوال النهار، وفي ذلك من ظهور صدق الإيمان وكمال العبودية وقوة المحبة لله (تعالى) ورجاء ماعنده ماجعل جزاء الصيام عند الله (تعالى) أعظم من جزاء جل العبادات، قال الله (تعالى) في الحديث القدسي: (كل عمل ابن آدم يضاعف، الحسنة بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلى ماشاء الله عزوجلّ، إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به، يدع شهوته وطعامه من أجلي..)

 قال ابن القيم: (والعباد قد يطلعون منه على ترك المفطرات الظاهرة، وأما كونه ترك طعامه وشرابه وشهوته من أجل معبوده فهو أمر لايطلع عليه بشر، وذلك حقيقة الصوم) .



بحث عن بحث