شهر رمضان ( 1 – 7 )

 

إن المجتمع الذي يستقيم على شريعة الصوم، يكون مجتمعا قويا في عقيدته، قويا في استجابته لأمر ربه، قويا بتماسكه وتضامنه، وتراحمه، قويا بأخلاقه الكريمة، وشمائله النبيلة.

وقد اختار الله سبحانه بحكمته البالغة، شهر رمضان المبارك ليكون موسم الصيام، المفروض على المسلمين من كل عام، وقد أشار القرآن الكريم إلى السر في اختيار هذا الشهر لهذه الفريضة المباركة ذلك أنه الشهر الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس، وبينات من الهدى والفرقان.

وبين الصوم والقرآن صلة متينة عميقة، ولذلك كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود الناس، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، وكان يلقاه جبريل في كل ليلة من رمضان فيدارسه القران، فلرسول الله صلى الله عليه وسلم حين يلقاه جبريل أجود بالخير من الريح المرسلة (1).

لقد أصبح رمضان بما شرع فيه من صيام، وسن فيه من قيام وما رغب فيه من عبادة، وذكر وتلاوة للقرآن الكريم، وصدقات وتراحم، وبر وإحسان، موسما فذا من مواسم العبادة المتعددة النواحي، المتشعبة الجوانب، تلك العبادات التي تطبع النفوس بطابع الرحمة والخير، وتغمر المجتمع كله، بموجة من الحب والود والتعاون والتضامن، والتراحم.

وبجوار التعبد بقراءة القرآن في شهر القرآن، تذكر لشريعة الله وما يريده رب العباد من العباد، من صلاة وزكاة وصيام وحج وبر وتراحم، وتحاب وتآلف وصدق حديث، وأداء أمانة ورعاية للعهود، وما يترتب على ذلك، من عظيم الأجر والثواب في العاجلة والآجلة لمن أخلص ذلك لله وحده، وابتغى به وجهه وقام به إيمانا واحتسابا.

يقول الشيخ أحمد الدهلوي:"والصوم إذا التزمته أمة من الأمم، سلسلت شياطينها، وفتحت أبواب جناتها وغلقت أبواب النيران عنها"(2).

ويقول في نفس المرجع"وأيضا فان اجتماع طوائف عظيمة من المسلمين على شيء واحد في زمان واحد، يرى بعضهم بعضا معونة لهم على الفعل ميسر عليهم، ومشجع إياهم، وأيضا فان اجتماعهم هذا لنزول البركات الملكية على خاصتهم وعامتهم، وأدنى أن تنعكس أنوار كلهم على من دونهم، وتحيط دعوتهم مَنْ وراءهم(3).

_____________

(1) أخرجه البخاري ، كتاب بدء الوحي ( 6 ).

(2) حجة الله البالغة (1 / 59 ).

(3) حجة الله البالغة ( 2 / 37 ).



بحث عن بحث