شهر رمضان ( 1 – 3 )

 

10 - الصيام كفارة للذنوب؛ لحديث حذيفة - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((فتنة الرجل في أهله، وماله، وولده، وجاره، تكفِّرها: الصلاة، والصوم، والصدقة، والأمر، والنهي))،وفي لفظ: ((والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر)(1)

 وهذا من نعم الله تعالى العظيمة أن يكفر ما يقع من المسلم من الزلل مع أهله، وولده وماله، وجيرانه، بالصلاة، والصوم، والصدقة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، فينبغي للمسلم أن يكثر من هذه الخصال، وهذا في الصغائر، أما الكبائر فلا بد فيها على الصحيح من التوبة بشروطها .

11 - يوفَّى الصائمون أجرهم بغير حساب.

12 - للصائم فرحتان: فرحة في الدنيا، وفرحة في الآخرة.

13 - خلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك. وقد دلَّ على هذه الفضائل الثلاث حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -:قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((قال الله تعالى: كلُّ عمل ابن آدم له إلا الصيام؛ فإنه لي وأنا أجزي به، والصيام جنة (2)،وإذا كان يومُ صَوْمِ أحدِكم فلا يرفث(3) ولا يصخب(4)، فإن سابَّهُ أحدٌ أو قاتله (5) فليقل: إنِّي امرؤٌ صائمٌ، والذي نفسُ محمد بيده! لخلوفُ فم الصائم(6) أطيب عند الله من ريح المسك، للصائم فرحتان يفرحهما: إذا أفطر فرح، وإذا لقي ربَّه فَرِحَ بصومه))، وفي لفظ للبخاري: ((الصيام جُنَّة، فلا يرفث، ولا يجهل(7) وإن امرُؤٌ قاتله أو شاتمه فليقل: إني صائم - مرتين - والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك، يترك طعامه، وشرابه، وشهوته من أجلى، الصيام لي وأنا أجزي به، والحسنة بعشر أمثالها))، وفي لفظ لمسلم: ((كلُّ عملِ ابن آدم يُضاعف له: الحسنةُ عشرُ أمثالها إلى سبعمائة ضعف، قال الله - عز وجل -: إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به، يدع شهوته وطعامه من أجلي، للصائم فرحتان: فرحة عند فطره، وفرحة عند لقاء ربه، ولخلوف فيه أطيب عند الله من ريح المسك))، وفي لفظ لمسلم: (( ... وللصائم فرحتان يفرحهما: إذا أفطر فرح بفطره، وإذا لقي ربه فرح بصومه)(8).

وهذا الحديث يستفاد منه فوائد، منها:

أولاً: أن الصيام لله تعالى، وهو الذي يجازي عليه، والأعمال الصالحة لله تعالى، ولكن الصوم لا يطلع عليه بمجرد فعله إلا الله، فلا يدخله الرياء بالفعل، وإن كان قد يدخله الرياء بالقول، كمن يخبر بأنه صائم؛ ولهذا: الصيام سرٌّ بين العبد وربه.

ثانياً: الصوم صبر على آلام الجوع والعطش، والصابرون يوفَّون أجرهم بغير حساب؛ ولأن الصوم يتضمن كسر النفس.

ثالثاً: محبة الله تعالى للصيام؛ ولهذا خلوف فم الصائم عند الله أطيب من ريح المسك.

رابعاً: الصيام سبب للسعادة في الدنيا والآخرة؛ لأن الصائم يدخل عليه السرور عند فطره، وذلك بفرحه بنعمة الله عليه بأن أتم عليه صيامه، وأعانه عليه، ويدخل فيه فرحه بزوال جوعه وعطشه، وكل على حسب حاله، فمنهم من يفرح الفرح المباح بزوال الجوع، ومنهم من يفرح الفرح المستحب بإتمام الصوم والإعانة عليه، ومنهم من يفرح بذلك كله. أما الفرح بالصوم في الآخرة عند لقاء الله تعالى، فهو فرح بما يراه من جزاء الله تعالى وثوابه، وتذكر نعمة الله عليه بتوفيقه لذلك [انظر: شرح النووي على صحيح مسلم، 8/ 277 - 280، وفتح الباري لابن حجر، 4/ 107 - 110، 7/ 118].

_______________

(1) متفق عليه: البخاري، كتاب الصلاة، باب الصلاة كفارة، برقم 525، وكتاب الزكاة، بابٌ: الصدقة تكفر الخطيئة، برقم 1435،وكتاب الصوم، بابٌ: الصوم كفَّارة، برقم 1895،ومسلم، كتاب الإيمان، باب رفع الأمانة والإيمان من بعض القلوب وعرض الفتن على القلوب، برقم 144.ـ

(2) الصيام جنة: أي وقاية من النار، وعند أحمد من حديث أبي عبيدة بن الجراح: ((الصيام جنة ما لم يخرقها))، زاد الدارمي: ((بالغيبة))، فتح الباري، لابن حجر، 4/ 104، واختار الإمام النووي: أن معنى الصوم جنة: ستر من الإثم، وستر من النار، وستر من الرفث. [شرح النووي على صحيح مسلم، 8/ 279].

(3) الرَّفَث: الكلام الفاحش، وهو يطلق على هذا وعلى الجماع، وعلى مقدماته، وعلى ذكره مع النساء، أو مطلقاً: أي ذكره مع النساء وغيرهن. [فتح الباري لابن حجر،4/ 104]

(4) ولا يصخب: الصخب والسخب: الخصام والصياح، والمراد بالنهي هنا تأكيده حالة الصوم، وإلا فغير الصائم منهي عن ذلك أيضاً. [فتح الباري لابن حجر،4/ 118].ـ

 (5) سابّه أحد: أي شتمه، أو قاتله: أي تهيأ لمقاتلته؛ فإنه إذا قال: إني صائم أمكن أن يكف عنه، فإن أصر دفعه بالأخف فالأخفِّ: كالصائل. [فتح الباري لابن حجر، 4/ 105].

(6) خلوف فم الصائم: تغير رائحته بسبب الصيام. [فتح الباري لابن حجر،4/ 105]

(7) ولا يجهل: أي لا يفعل شيئاً من أفعال أهل الجهل: كالصياح، والسفه، ونحو ذلك، ولا يفهم من هذا أن غير يوم الصوم يباح فيه ما ذكر، وإنما المراد أن المنع من ذلك يتأكد بالصوم. [فتح الباري لابن حجر، 4/ 104].

(8) متفق عليه: البخاري، كتاب الصوم، باب فضل الصوم، برقم 1894، وباب هل يقول: إني صائم إذا شتم، برقم 1904، ومسلم، كتاب الصيام، باب حفظ اللسان للصائم، برقم 1151، وباب فضل الصيام برقم 164 - (1151).ـ



بحث عن بحث