القاعدة الثانية: تحديد الهدف (2-3)

وبعد هذه الأمثلة نتطرق إلى بعض النقاط المهمة بخصوص تحديد الهدف:

الأولى: ضرورة وجود منهج واضح ومختصر للوالدين داخل الأسرة يتبين من خلاله الهدف الذي يسعيان إليه، بحيث لا يحدث تصادم بينهما أثناء القيام بعملية التربية، فلا يفرض كل منهما جميع آرائه وأفكاره على الأبناء لتحديد مسارهم، لوجود بعض الاختلافات والتباينات بينهما في المسائل المختلفة، والأفضل في مثل الحالة أن يتفقا على العناصر المشتركة بينهما لبناء المنهجية الموحدة للإشراف على الأبناء والبنات وتربيتهم نحو الهدف المنشود والواضح.

لأن فقدان المنهجية الموحدة بين الوالدين يؤدي في كثير من الأحيان إلى غياب الهدف ووضوحه، وبالتالي الإخفاق والفشل نحو أي نجاح أو إبداع بالنسبة للأبناء، والواقع يشهد على هذه الظاهرة التي تتكرر في المجتمع ويكون الضحية فيها الأبناء والبنات وضياعهم نتيجة التشتت والتخاصم الذي يحدث بين الوالدين.

ومن معالم هذه المنهجية:

- وضوح الهدف بين الوالدين.

- التكامل بينهما، فلا يشدّان جميعًا أو يتساهلان جميعًا.

- عدم تغييب أي معلومة عن الآخر بشأن الأولاد.

- إشعار الأولاد أن بين الوالدين انسجامًا كبيرًا.

- التأكيد جميعًا على المسلمات في الأوامر والنواهي، كالأمر بالصلاة، وحسن الألفاظ، والبرّ، والنهي عن الأخلاق المشينة وغيرها.

- الدعاء للأولاد وليس عليهم، والدعاء بالإعانة على التربية.

الثانية: التعامل الصحيح من قبل الوالدين مع القضايا المعاصرة الجديدة التي تمس واقع الشباب والبنات، كالانترنت والفضائيات، والجوالات، وغيرها. فكل هذه التقنيات عبارة عن ساحات مؤثرة على حياة الأبناء والبنات، ولا بد من تحديد المنهج الصحيح الذي يستوعب هذه المستجدات والتغيرات الطارئة على نفوس هؤلاء الأبناء كل ذلك وفق قواعد وضوابط شرعية محكمة، من غير إفراط ولا تفريط.

فمن الخطأ – مثلاً – حرمان الأبناء والبنات من التعامل أو الاحتكاك مع هذه التقنيات كليًا تحت مسمّى الحرمة أو الفساد، لأننا نستطيع استخدامها والتعامل معها بصورة إيجابية، حين يكون هناك التوجيه الصحيح والمعتدل.

فضلاً عن أن المنع الكلّي له آثار سلبية، حيث يجعل الأبناء يلجئون إلى وسائل أخرى للوصول إلى هذه التقنيات من دون علم الوالدين، عن طريق الأصدقاء والأصحاب، ومن ثم استخدامها بشكل سيء وفاسد، يصعب بعدها التحكم في توجيههم وإصلاحهم.

الثالثة: أن يحدد الداعية أو المربّي هدفه، من خلال الخطوات الآتية:

1 – أن يضع في الحسبان مدى مشروعية هذا الهدف، من حيث الحلال والحرام.

2 – تصنيف الأهداف من حيث الأهمية، فيحدد الأهداف القريبة والمتوسطة والبعيدة، ويتعامل مع كل صنف حسب الإمكانات مع تحديد العامل الزمني للوصول إليها.

3 – تحديد الآثار المترتبة على كل هدف، والمنافع التي يمكن أن تُجنى من ورائها على النفس والمجتمع والأمة.

4 – تحديد الوسائل المستخدمة للوصول إلى الأهداف، ويجب أن تكون مشروعة، لأن الغاية لا تبرر الوسيلة.

وهذا يعني أن الداعية إذا حدّد هدفه المشروع، وأخذ بالوسائل والأسباب المشروعة فإنه يصل إلى ما يرنو إليه من الأهداف والغايات.



بحث عن بحث