فضل الدعاء

يتبين فضل الدعاء وأهميته من خلال حثّ الشارع عليه من الكتاب والسنة، يقول تبارك وتعالى:{وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ۚ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ}(1).

فهو التوجه المباشر إلى الله تعالى وحده، دون وسيلة أو وساطة، حيث يبث العبد شكواه إلى خالقه، ويعلن بين يديه ضعفه وقلة حيلته، ثم يطلب سؤله وما يرجوه من الخير والمنفعة، فالله قريب من عباده، ورحمته واسعة عليهم، مهما اقترفوا السيئات، يقول تعالى:{وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ ۖ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ۖ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ}(2).

كما يشير إلى فضل الدعاء ومكانته عند الله تعالى قوله عليه الصلاة والسلام: «ليس شيء أكرم على الله عز وجل من الدعاء«(3).

وهذا يعني أن الله تعالى يحب أن يكون عبده على صلة دائمة معه عبر حبل الدعاء ليستمع إليه ويجيبه بقضاء حاجته وتفريج همه، لكنه بالمقابل يبغض من لا يتضرع إليه بالدعاء، لقوله ﷺ: «من لم يسأل الله يغضب عليه«(4).

فلا غنى للمؤمن عن الدعاء لأنه تجسيد عملي لمعنى العبودية لله تعالى، يقول عليه الصلاة والسلام: «الدعاء هو العبادة«(5).

وقد كان الدعاء سنة الأنبياء والرسل من قبل، والوسيلة التي يلجؤون بها إلى الله تعالى ليرحمهم ويغفر لهم، ويرزقهم الذراري الصالحة، ويعينهم على المعاندين من بني قومهم، يقول تبارك وتعالى على لسان نوح عليه السلام:{وَقَالَ نُوحٌ رَّبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا . إِنَّكَ إِن تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا . رَّبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوَالِدَيَّ وَلِمَن دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِنًا وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَلَا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَبَارًا}(6).

كما دعا إبراهيم عليه السلام ربه كثيرًا، وجاء ذلك في مواطن كثيرة من كتاب الله، يقول تبارك وتعالى:{وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَٰذَا الْبَلَدَ آمِنًا وَاجْنُبْنِي وَبَنِيَّ أَن نَّعْبُدَ الْأَصْنَامَ . رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ ۖ فَمَن تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي ۖ وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ}(7).

وكذلك زكريا عليه السلام كما في قوله تعالى:{هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ ۖ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً ۖ إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ}(8)، ويونس عليه السلام حين نادى في جوف الحوت:{وَذَا النُّونِ إِذ ذَّهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَىٰ فِي الظُّلُمَاتِ أَن لَّا إِلَٰهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ}(9).

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) [غافر: 60]

(2) [البقرة: 186]

(3) أخرجه الترمذي (ص770، رقم 3370) كتاب الدعوات، باب فضل الدعاء. وابن ماجه (ص546، رقم 3829) كتاب الدعاء، باب فضل الدعاء. وأحمد (2/362، رقم 8733). وهو حديث حسن.

(4) أخرجه الترمذي (ص770، رقم 3373) كتاب الدعوات، باب من لم يسأل الله يغضب عليه. والحديث حسن.

(5) أخرجه أبو داود (ص220، رقم 1479) كتاب الوتر، باب الدعاء. والترمذي (ص668، رقم 2969) كتاب التفسير، باب سورة البقرة. وابن ماجه (ص546، رقم 3828) كتاب الدعاء، باب فضل الدعاء. وهو حديث صحيح.

(6) [نوح: 26-28]

(7) [إبراهيم: 35-36]

(8) [آل عمران: 38]

(9) [الأنبياء: 87]



بحث عن بحث