آثار الخوف من الله تعالى على الإنسان

للخوف من الله تعالى آثار إيجابية كثيرة ومتعددة على الإنسان، منها:

1-  إنه يبعث في النفس الشجاعة، فلا يجد الإنسان مقابل الخوف من الله تعالى خوفًا آخر من غيره، وكذلك في سائر الشؤون الحياتية، حيث يستند المؤمن إلى قوة عظيمة وركن متين، وحينها يكفيه الله تعالى أذى الشياطين وأوليائهم، وهو ما أشار إليه الرسول ﷺ بقوله: «من التمس رضا الله بسخط الناس كفاه الله مؤنة الناس، ومن التمس رضا الناس بسخط الله وكَّله الله إلى الناس«(1).

2-   إنه يبعث في النفس روح المواجهة مع المشكلات والعقبات، فتهون لديه كل ما يعترضه في حياته الشخصية ومسيرته الحياتية والدعوية، لأنه على علم ويقين أن الحياة دار فناء وأن ما عند الله تعالى هو دار القرار، وهو التصوّر الذي تربى عليه الجيل الأول من الصحابة، حين استصغروا الدنيا واستهانوا بها جاءتهم سعيًا بين أيديهم، فخضعت الجبابرة وخارت قواهم أمام تلك الجموع الضعيفة التي خرجت من الجزيرة العربية.

3- إنه يبعث في النفس الاعتبار والتذكر في آيات الله، وفيما يجري من أقدار الله، فتلين القلوب وتخشع لذكر الله: {فَذَكِّرْ إِن نَّفَعَتِ الذِّكْرَىٰ . سَيَذَّكَّرُ مَن يَخْشَىٰ}(2).

4-  إنه يمنع الإنسان من مقارفة المعاصي، والخوض في أعراض المسلمين والاعتداء عليهم وأكل الحقوق والظلم وغيره، فالإنسان الذي يخاف عاقبة الغيبة والسخرية والاستهزاء، لن يقبل على هذا الفعل أبدًا، وكذلك سائر الأعمال الممنوعة

5- إنه يقود إلى عفو الله تعالى: {إِنَّمَا تُنذِرُ مَنِ اتَّبَعَ الذِّكْرَ وَخَشِيَ الرَّحْمَٰنَ بِالْغَيْبِ ۖ فَبَشِّرْهُ بِمَغْفِرَةٍ وَأَجْرٍ كَرِيمٍ}(3)، ويقول النبي ﷺ: «من خاف أدلج ومن أدلج بلغ المنزل ألا إن سلعة الله غالية ألا إن سلعة الله الجنة»(4).

6-  إنه يقوي الإيمان: {إِنَّمَا ذَٰلِكُمُ الشَّيْطَانُ يُخَوِّفُ أَوْلِيَاءَهُ فَلَا تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ}(5).

7-  إنه يمنع الخوف السلبي والمذموم، لما يترتب على الخوف السلبي من عقوبة زاجرة، لا سيما إذا صار في دائرة الشرك التي سبق ذكرها، فإن الخوف من الله تعالى يردع الإنسان من ذلك ويجعل خوفه دائمًا من الله وحده دون سواه، وهو ما عبّرت عنه الآية القرآنية: {فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ}(6).

8- إنه يقود صاحبه إلى الجنة لقوله تعالى: {وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ}(7) وقوله تعالى: {وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَىٰ . فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَىٰ}(8).

*     *     *

وأخيرًا:

على الإنسان أن يكون على دراية ويقين أنه أمام جبروت الله تعالى وقوته وعظمته، وأنه لا ملجأ ولا منجى من الله إلا إليه، وأن الأمر في الأول والآخر يؤول إليه، فلا داعي للخوف من غيره من الإنس أو الجان، أو من أي مخلوق آخر، ثم إن استشعار هذه القوة الإلهية يجعل المرء في حالة ترقب دائمة مع نفسه، فيمنعها من اقتراف المعاصي وجلب أسباب غضب الله وسخطه، بل يدفعه أن يقدم بين يدي ربه من العبادات والطاعات وأفعال الخير المختلفة، وجميع ما تستقيم عليه حاله، ثم إن هذا الاستشعار يحرر الإنسان من القلق والاضطراب والهم والحزن، ويدفع عنه وساوس الشياطين وهمزاتهم.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) سبق تخريجه

(2) [الأعلى: 9، 10]

(3) [يس: 11]

(4) سبق تخريجه

(5) [آل عمران: 175]

(6) [المائدة: 4]

(7) [الرحمن: 46]

(8) [النازعات: 40]



بحث عن بحث