الوسائل المعينة على الإخلاص:

هناك بعض العوامل التي تنشئ عند الإنسان دافع الإخلاص في الحياة، في العبادات وغيرها، ومن أبرز هذه العوامل والوسائل ما يلي:

1 – التأمل في كتاب الله تعالى ولو في آية واحدة:

إن التأمل في كتاب الله تعالى وآياته التي يخاطب الله تعالى من خلالها عباده على الأرض، يولد في النفس تعلقًا بالله تعالى وشعورًا برحمته بعباده، وهو يقرأ

خطاب ربه الموجه إليه بأسلوب رائع جميل، ويصفه بالمؤمن {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا} فيه لطف وعطف وحنان، ثم يرشده من خلال هذه الآيات الكريمات إلى

طريق الهدى والنجاة، ويحذره من طرق الغواية والضلال، ويهيأ له أسباب الهداية من إرسال الرسل والأنبياء وحدوث المعجزات.

يجد القارئ كل هذه الحقائق والرحمات ويلمسها في كتاب الله المبين، فيتولد لديه إخلاص حقيقي نحو خالقه وبارئه، فيوجه كل ما لديه من فعل أو قول لإرضاء الرحمن الرحيم.

2 – التأمل في الكون وفي عظمة الله وقدرته:

إن التأمل في الكون وما فيه من عجائب خلق الله تعالى، والتفكر في عوالمه المختلفة وأنماط الأمم التي تعيش في هذه العوالم، في البحر والبر والسماء، وكذلك

الكواكب المحيطة بنا من شمس وقمر وغيرها، والنظام الدقيق الذي يسير وفق هذه المخلوقات جميعًا، إن هذا التأمل يولد إقرارًا ويقينًا بتوحيد الله تعالى، وقناعة ثابتة بالحق والعدالة التي بنيت عليها هذه الأشياء، من أجل ذلك يريد الله تعالى من عباده أن يكثروا من التأمل والتدبر فيما حولهم من الآيات

الكونية، حتى يرتبطوا بحق مع خالقهم، ويخلصوا الأعمال والأقوال له وحده، يقول تبارك وتعالى: {الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللَّـهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىٰ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ

فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَـٰذَا بَاطِلًا سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ}(1).

ويقول أيضًا: {وَآيَةٌ لَّهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُم مُّظْلِمُونَ. وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَا ۚ ذَٰلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ. وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّىٰ عَادَ

كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ. لَا الشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَا أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ ۚ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ}(2).

3 – إقناع النفس أن النفع والضر بيد الله تعالى:

إذا علم الإنسان أن الله تعالى خالق الكون، بيده ملكوت السموات والأرض، وأنه لا يجري في الكون من نفع وخير أو ضرر وشر إلا بإذنه، يزداد وثاقه مع

خالقه، فلا يلجأ إلا إليه، ولا يقصد أحدًا غيره، ولا يقدم الطاعة والولاء إلا له جل شأنه، فيعيش لله ويعمل لله، ويجاهد في سبيل الله، وينفق في سبيل الله،

ولا يخشى في ذلك أحدًا، لأن النفع والضر من عند الله، يقول عليه الصلاة والسلام: «واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك بشيء لم ينفعوك إلا

بشيء قد كتبه الله لك ولو اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك رفعت الأقلام وجفت الصحف» (3).
-----------------------------

(1) سورة آل عمران، الآية 191.

(2) سورة يس، الآيات 37-40 .

(3) أخرجه الترمذي (ص576، رقم 2516) كتاب صفة القيامة، باب حديث حنظلة. وأحمد (1/ 307، رقم 2804). قال الترمذي: حديث حسن صحيح.



بحث عن بحث