5 – الإخلاص سبب في سعة الرزق والحياة الطيبة:

إن الله تعالى توعّد هذه الأمة، ووعده الحق، أن إذا أخلصت له وتحاكمت إلى حكمه في أحوالها وشؤونها، ولا يقصد غير سواه، وتؤتى أوامره، وتجتنب نواهيه، وعدها بالخير الوافر والرزق الواسع، والعيش الرغيد، فضلاً عن كرمه ونعيمه يوم القيامة، يقول جل ذكره: {وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَىٰ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَـٰكِن كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ}(1).

يقول أبو ذر رضي الله عنه: كان رسول الله ﷺ يتلو هذه الآية: {وَمَن يَتَّقِ اللَّـهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا}(2) ثم قال: «يا أبا ذر لو أن الناس كلهم أخذوا بها لكفتهم» (3). وهذا الرزق على مستوى الأمة وعلى مستوى الأفراد.

6 – يكسب الفرد والمجتمع النجاح في الحياة:

لقوله تعالى: {مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً}(4)، فترى المخلصين في الحياة الدنيا، من أسعد الناس، وأكثرهم تفوقًا ونجاحًا، لأنهم يعملون بخطى ثابتة ومنهج مستقيم، ويَصْدقون مع الله تعالى، ولا يريدون من أحد جزاء ولا شكورًا، فجزاؤهم وأجرهم على الله تعالى، لقوله جلّ وعلا: {وَمَن يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ مِن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَىٰ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَـٰئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ نَقِيرًا}(5).

كما ترى المخلصين أقلّ الناس قلقًا واضطرابًا في الحياة، بل تكتنفهم السكينة والراحة، في كل أحوالهم، بخلاف الرائين الذين ينتظرون الجزاء من الناس، فلا يعملون إلا بقدر هذا الجزاء، فيفشلون ويقلقون ويضطربون، وهذا هو الفيصل بين العمل لله والعمل لغيره.

7 – الإخلاص يقيم العلاقات الاجتماعية على منهج رفيع:

تتحدد العلاقات بين الناس في ظل الإخلاص على أسس متينة، وأهداف سامية، لأنها قائمة على حب الله تعالى، وعلى الخير والمودة والرحمة، التي أمر الله أن تكون الأصل في العلاقات بين الناس، يقول عليه الصلاة والسلام: «من أحب لله وأبغض لله وأعطى لله ومنع لله فقد استكمل الإيمان» (6). وجاءت الآيات والأحاديث الكثيرة في هذا الصدد.

 فتذوب في ظل الإخلاص المصالح الشخصية، والأنانيات الفردية، لأن مصير أي علاقة تقوم على غير الإخلاص مرتبط بانتهاء المصلحة أو المنفعة، أما إذا كانت في الله فتبقى أبد الدهر، بل تبقى إلى يوم القيامة، يقول تبارك وتعالى: {الْأَخِلَّاءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إِلَّا الْمُتَّقِينَ}(7) وقوله ﷺ: «سبعة يظلهم الله في ظله.. ورجلان تحابا في الله اجتمعا عليه وتفرقا عليه..» (8).

8 – بالإخلاص يُكتب للإنسان العمل الصالح ولو لم يقم به:
إذا وجدت النية ولكن منعه العذر مثل حال الصحابة في قصة غزوة تبوك، لقوله ﷺ: «إن بالمدينة لرجالاً ما سرتم مسيرًا ولا قطعتم واديًا إلا كانوا معكم حبسهم المرض» 
(9)، وقوله تعالى: {لَّيْسَ عَلَى الضُّعَفَاءِ وَلَا عَلَى الْمَرْضَىٰ وَلَا عَلَى الَّذِينَ لَا يَجِدُونَ مَا يُنفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُوا لِلَّـهِ وَرَسُولِهِ ۚ مَا عَلَى الْمُحْسِنِينَ مِن سَبِيلٍ ۚ وَاللَّـهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ. وَلَا عَلَى الَّذِينَ إِذَا مَا أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لَا أَجِدُ مَا أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوا وَّأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ حَزَنًا أَلَّا يَجِدُوا مَا يُنفِقُونَ(10).

ويقول عليه الصلاة والسلام: «من سأل الله الشهادة بصدق بلغه الله منازل الشهداء وإن مات على فراشه» (11).
--------------------------------------
(1) الأعراف [96].

(2) الطلاق [2].

(3) أخرجه ابن ماجه (ص614، رقم 4220) كتاب الزهد، باب الورع والتقوى. وأحمد (5/178، رقم 21591). وابن حبان (15/53، رقم 6669). والنسائي في الكبرى (10/35، رقم 11539) ورجاله ثقات لكنه منقطع.

(4) النحل [97].

(5) النساء [124].

(6) أخرجه أبو داود (ص661، رقم 4681) كتاب السنة، باب في رد الإرجاء. والحاكم في المستدرك (2/ 178، رقم 2694) وقال: صحيح على شرط البخاري ومسلم، ووافقه الذهبي.

(7) الزخرف [67].

(8) أخرجه البخاري (320، رقم 1423) كتاب الزكاة، باب الصدقة باليمين. ومسلم (ص415، رقم 1031) كتاب الزكاة، باب إخفاء الصدقة.

(9) أخرجه البخاري (ص753، رقم 4423) كتاب المغازي، باب (82). ومسلم (ص854، رقم 1911) كتاب الإمارة، باب ثواب من حبسه عن الغزو مرض.

(10) التوبة [96-97].

(11) سبق تخريجه.



بحث عن بحث