أهمية العلم وفضله:

تعددت النصوص الشرعية من الكتاب والسنة حول العلم وفرضيته وأهميته في حياة الناس والأمم، سواء كان العلم الشرعي أو العلم التجريبي المدعّم بالإيمان

بالله تعالى وتوحيده، لأنه في النهاية يوصل الإنسان إلى حقيقة وجوده وحقيقة الكون والحياة، ويقرب صاحبه من الله تعالى ويبعده عن مخالفة أمره، يقول

تبارك وتعالى: {إِنَّمَا يَخْشَى اللَّـهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ}(1).

ولفضل هذا العلم وأهميته كانت أولى الآيات التي نزلت على رسول الله ﷺ تحض على العلم وتحث عليه، لأن هذه الرسالة الجديدة والتي كانت خاتمة

الرسالات لا بد أن ترتكز على دعامة العلم وركنه الشديد؛ لأنه السبيل الصحيح للإيمان بالله تعالى، يقول تبارك وتعالى: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ. خَلَقَ الْإِنسَانَ مِنْ عَلَقٍ. اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ. الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ. عَلَّمَ الْإِنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ}(2).

وكأن الله تعالى أراد – أيضًا – أن يخبر هذه الأمة أن العصور القادمة ستشهد تطورات علمية وتحولات فكرية واسعة، فعليكم بالعلم والإيمان حتى تتمكنوا

من مواكبة تلك العصور ومواجهة التحديات الجديدة بقوة وثبات.

ثم جاءت الآيات تترى في فضل العلم وأهله وعلو مكانتهم وشأنهم عند الله تعالى وعند الناس، يقول تبارك وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قِيلَ لَكُمْ

تَفَسَّحُوا فِي الْمَجَالِسِ فَافْسَحُوا يَفْسَحِ اللَّـهُ لَكُمْ ۖ وَإِذَا قِيلَ انشُزُوا فَانشُزُوا يَرْفَعِ اللَّـهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ۚ وَاللَّـهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ}(3).

كما جعل الله تعالى أهل العلم مرجعية الناس وملاذهم حين تلتبس عليهم الأمور أو تحل بهم الأزمات أو تكاد نار الخلاف تنشب بينهم، فيقول جل وعلا: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}(4).

لأن أهل العلم عندهم من العلوم الشرعية من الكتاب والسنة، ومن أخبار الأمم وقصصهم ومن حِكَم العقلاء والمصلحين وتجاربهم، ما تجعلهم أكثر صوابًا

وقربًا من الحق والعدل، بخلاف الذين يجهلون ذلك كله ثم يخوضون في الأحداث فما يزيدونها إلا نارًا وفتنة وخرابًا، وهو ما أشار إليه النبي عليه الصلاة

والسلام بقوله: «إن الله لا يقبض العلم انتزاعًا ينتزعه من العباد، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء، حتى إذا لم يبق عالمًا اتخذ الناس رؤوسا جهالاً، فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلّوا وأضلّوا»(5).

كما أشار عليه الصلاة والسلام إلى فضل أهل العلم ومكانتهم وأنهم ورثة الأنبياء فقال: «وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب إن العلماء ورثة الأنبياء، إن الأنبياء لم يورِّثوا دينارًا ولا درهمًا إنما ورَّثوا العلم، فمن أخذ به فقد أخذ بحظ وافر»(6).

------------------------
(1) فاطر [ 28].

(2) العلق [1-5].

(3) المجادلة [11].

(4) النحل [43].

(5) أخرجه البخاري (ص22، رقم 100) كتاب العلم، باب كيف يقبض العلم. ومسلم (ص1264، رقم 6796) كتاب العلم، باب رفع العلم وقبضه.

(6) أخرجه الترمذي (ص608، رقم 2682) كتاب العلم، باب ما جاء في فضل العبادة.



بحث عن بحث