الموقف من الأمراض:

ينظر الإسلام إلى المرض على أنه ابتلاء واختبار للإنسان، يقف حينها أمام موقفين: إيجابي وسلبي: 

أولاً: الموقف الإيجابي

ويتمثل في:

-الرضى بأمر الله تعالى وقدره، مع اليقين بأن المرض من الله تعالى، يصيبه من يشاء من عباده، وهو نوع من الاختبار لهم فينظر هل يصبرون؟ {وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ ۗ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ. الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّـهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ. أُولَـٰئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ ۖ وَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ}(1)
-عدم التحسر والتأسف على قضاء الله تعالى، لأن الإنسان لا يعرف مكامن الخير والشر، فهي خافية عليه، فربما أريد له بهذا المرض العفو والمغفرة والجنة وهو لا يدري، يقول تبارك وتعالى: {
وَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ ۖ وَعَسَىٰ أَن تُحِبُّوا شَيْئًا وَهُوَ شَرٌّ لَّكُمْ ۗ وَاللَّـهُ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}(2)

-التداوي بالطرق المشروعة والابتعاد عن المحرم منها، كالذهاب إلى السحرة والمشعوذين، أو التداوي بالخمر وغيره من المحرمات.

-أن يتعبد الله تعالى بالعبادات أثناء المرض مثل: قوة المحاسبة لنفسه، والتفكر في ملكوت الله، وفي أسمائه وصفاته، وكثرة الذكر والاسترجاع، واستغلال الوقت بما يفيد، والدعاء.

-أن يعتقد أن الشافي هو الله سبحانه وتعالى وسائر الأشياء ما هي إلا أسباب إن أذن الله تعالى تحقق الشفاء وإن لم يأن فلحكمة يعلمها، فيورثه هذا قوة التوكل على الله.

آثار هذا الموقف:

1– تكفير السيئات ودخول الجنة: لقوله عليه الصلاة والسلام: «ما من مسلم يصيبه أذى من مرض فما سواه إلا حط الله به سيئاته كما تحط الشجرة ورقها»(3)

2– رفعة الدرجات: لقوله تعالى: {إِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُم بِغَيْرِ حِسَابٍ}(4)

4– عبودية الله في السراء والضراء: وهي غاية وجود الإنسان في الأرض، وقد أشار رسول الله ﷺ إلى هذه العبودية بقوله: «عجبًا لأمر المؤمن إن أمره كله خير وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن، إن أصابته سرّاء شكر فكان خيرًا له، وإن أصابته ضراء صبر فكان خيرًا له»(5)

5– تذكير بنعمة الله على العبد: حيث أن الابتلاء نعمة من الله تعالى وفضل منه، وأن أشد الناس بلاء هم أقربهم إليه سبحانه وتعالى، كما أخبر بذلك رسول الله ﷺ ، حين سئل أي الناس أشد بلاء؟ قال: «الأنبياء ثم الأمثل فالأمثل يبتلى الرجل على حسب دينه»(6)

6– الرضى والطمأنينة: لأن المريض حين يدرك أن المرض من الله تعالى تطمئن نفسه ويهدأ باله، ويسلم أمره إليه، وبذلك لا يدع مجالاً لوساوس الشيطان أن تلج قلبه أو تخترق إيمانه وعقيدته. والله تعالى يقول: {وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ ۗ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ. الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّـهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ. أُولَـٰئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ ۖ وَأُولَـٰئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ}(7)

7– التعامل الإيجابي في الحياة: إن الرضى لأمر الله تعالى والاستسلام لقدره يجعل الإنسان متفائلاً في الحياة ويسعى فيها من غير كسل أو عجز، بل إنه يساهم في بناء المجتمع وحمايته حسب الطاقة الموجودة لديه، والإمكانية التي تساعده على ذلك، الأمر الذي يجعله عنصرًا إيجابيًا وفاعلاً في الحياة.

8– المحاسبة والرجوع عن السلبيات: إن المرض وجميع الابتلاءات تجعل الإنسان يراجع صفحات حياته الماضية، ويحاسب نفسه على ما اقترف فيها من

أخطاء وسيئات، ويبدلها بالأعمال الصالحة وفعل الخيرات. وذلك بالاجتهاد في الطاعات وتقديم القربات بين يدي الله تعالى، وإيصال الحقوق إلى

أصحابها، والإصلاح بين الناس وغيرها.

-----------------------------------

(1) البقرة [155-157].

(2) البقرة [216]

(3)أخرجه البخاري (ص1003، رقم 5667) كتاب المرضى، باب رخص للمريض أن يقولإني وجع. ومسلم (ص1126، رقم 2571) كتاب البر والصلة، باب ثواب المؤمن فيما يصيبه من المرض.

(4) الزمر [10]

(5)أخرجه مسلم (ص 1295، رقم 999) كتاب الزهد، باب المؤمن أمره كله خير.

(6)أخرجه الترمذي (ص547، رقم 2398) كتاب الزهد، باب ما جاء في الصبر على البلاء. وابن ماجه (ص580، رقم 4023) كتاب الفتن، باب الصبر على البلاء. وأحمد (1/172، رقم 1481). وهو حديث صحيح صححه الترمذي وغيره.

(7) البقرة [155-157].



بحث عن بحث