شبه المنكرين لحجية السنة، والرد عليهم (6)
الشبهة الثالثة :
يقول الله تعالى : ( إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون )(1) ، فالرافضون لحجية السنة يفهمون أن المراد من -الذكر - في الآية ( القرآن ) وأن الضمير في قوله تعالى ( له ) عائد على القرآن ، وان الآية فيها حصر ، طرقه الجار والمجرور . وهذا الحصر يفيد عندهم : قصر الحفظ على القرآن وحده ، دون ما عداه .
فلو كانت السنة مصدرا أساسيا في التشريع الإسلامي لتكفل الله بحفظها كما تكفل بحفظ القرآن الكريم .
الرد على هذه الشبهة :
ويرد على هذه الشبهة من عدة وجوه :
أولا : ليس بلازم في الاحتمالات العقلية أن يكون المراد من الذكر القرآن الكريم وحده ، لأمرين :
1ــ أنه لو كان المراد من الذكر القرآن لصرح الله به باللفظ كما صرح به في كثير من الموضوعات ، يقول الله تعالى :
( إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم )(2)
( بل هو قرآن مجيد ، في لوح محفوظ )(3)
( ولقد يسرنا القرآن للذكر فهل من مدكر )(4)
( وقرآنا فرقناه لتقرأه على الناس على مكث ونزلناه تنزيلا )(5)
( وقالوا لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم )(6)
( إنما أمرت أن أعبد رب هذه البلدة الذي حرمها وله كل شئ وأمرت أن أكون من المسلمين . وأن أتلو القرآن فمن اهتدى فإنما يهتدي لنفسه )(7)
2ــ لو كان المراد بالذكر القرآن لعبر عنه بالضمير ( إنا نحن نزلناه ) إذ افتتاح السورة فيه نص وذكر للقرآن ( الر . تلك آيات القرآن وكتاب مبين ) ، والتعبير بالضمير في نظر اللغة أجود ، لأن العلم في المرتبة الثانية من الضمير ، إذ هو أعرف المعارف ، وهو عمل يتفق مع منزلة القرآن ، وتعتمده الصناعة الإعرابية .
(1) سورة الحجر / 9 .
(2) سورة الإسراء / 9 .
(3) سورة البروج / 12 ، 22 .
(4) سورة القمر / 7 .
(5) سورة الإسراء / 106 .
(6) سورة الزخرف / 31 .
(7) سورة النمل / 91 ، 92 .