4- وللتربية الإسلامية – في نظر الأستاذ محمد سعيد رمضان البوطي سبعة أهداف أو أغراض أساسية، هي كالآتي:

أ) بلوغ مرضاة الله والانعتاق من غضبه وعقابه وتحقيق العبودية المخلصة لله تعالى. ويعتبر هذا الهدف سيد نتائج التربية الإسلامية وأعظمها.

ب) رفع المستوى الخلقي في المجتمع، على أساس من الدين الذي جاء ليقود المجتمع في المخطط الخلقي الذي وضعه الله له، وليضع على بعض أنواع السلوك عنوان الخير وعلى بعضها الآخر عنوان الشر، وليغرس الوازع الخلقي في فؤاد الإنسان.

ج) تمكين الروح القومية في النفوس على أساس من الدين وما جاء به من تعاليم وما وجه إليه من قيم وأخلاق.

د) إيجاد السكينة في النفوس بالعقيدة الراسخة والعبودية المحضة والضراعة الخالصة إليه سبحانه وتعالى.(والنتيجة الحتمية لهذه الطمأنينة والارتياح والرضى أن يحتفظ الإنسان باستعداداته وميزه وملكاته الفكرية، لا تصيبها أي غاشية من تلك العواصف أو من وقع ذلك الحرمان).

هـ) تحصين اللغة العربية وآدابها باعتبارها لغة القرآن ووعاء التراث الإسلامي وأبرز مقومات الثقافة العربية والإسلامية وأداة الراغب في فهم القرآن وتلقي شريعته وأحكامه.

و) القضاء على الخرافات الدخيلة على حقائق الدين، وبث الوعي الإسلامي الصحيح وإظهار حقائق الدين على صفائها وإشراقها.

ز) دعم الوحدة الوطنية، وتوحيد الصفوف عن طريق نبذ الخلافات، والالتفاف والتضامن حول المبادئ والمعتقدات الإسلامية المتفق عليها مما يتضمنه كتاب الله وسنة رسوله،وبث روح التسامح حيال أهل الأديان السماوية، وغرس الوازع الديني الصحيح، حيث(إن الوحدة الوطنية لا يحزمها شيء كالوازع الديني الصحيح. ذلك أن الدين من أساسه إنما يهدف إلى إيجاد مقومات الوحدة والتضامن ضد أي عدو ودخيل،وهو في الوقت نفسه يهدف أيضاً إلى قطع دابر كل ما من شأنه أن يشق عصا الأمة ويهدد وحدتها وتضامنها)(1).

هذه بعض قوائم الأهداف العامة للتربية الإسلامية، حسبما استخلصها من التراث الإسلامي بعض الباحثين والكتاب المحدثين في مجال التربية الإسلامية، وقد حاول كل واحد منهم أن يدعم ما ذكره من أهداف بنصوص من الدين الإسلامي وبأحداث وممارسات تضمنها تاريخنا وتراثنا الإسلامي، وهناك كتابات أخرى اتفقت مع هؤلاء الكتاب في بعض ما ذكروه وانفردت عنهم بأهداف لم يذكروها(2).

لكن يلاحظ على وجهات نظر الجميع بصفة عامة الأمور الآتية:

1-    إنهم لا يفرقون بين الأهداف والغايات غالباً، فمنهم من يذكر رأيه في هذا الباب تحت كلمة الأهداف، ومنهم من يذكره تحت كلمة الأغراض، ومنهم من يذكره تحت عنوان الغايات.

2-    إنهم يختلفون أيضا من حيث عدد الأهداف فمنهم من يحدد هدفاً واحداً، ومنهم من يحدد عدة أهداف.

3-            إن تحديد الأهداف عندهم يدور حول أربعة مستويات:

الأول: على مستوى العبودية لله، أو إخلاص العبودية لله، أو التقرب إلى الله، أو معرفة الله وتقوى الله.

الثاني: الأهداف التي تدور على مستوى الفرد، ويختلف هؤلاء أيضاً في تحديد الهدف من حيث صياغة الهدف، فمنهم من يقول إنه (إنشاء شخصية إسلامية ذات مثل أعلى يتصل بالله).

ومنهم من يقول: (إنه بناء الإنسان بناء متكاملاً متوازناً متطوراً من جميع الوجوه جسمياً وعاطفياً واجتماعياً وخلقياً وجمالياً وإنسانياً) ومنهم من يقول: (إنه بناء أو إيجاد الإنسان الصالح الذي يلتزم نهج القرآن ويتأدب بآداب الإسلام).

الثالث: الأهداف التي تدور حول بناء المجتمع الإسلامي أو بناء الأمة المؤمنة، ومن هؤلاء من يقول:إنه إقامة مجتمع على أساس الإيمان.

الرابع: الأهداف التي تدور حول تحقيق المنافع الدينية والدنيوية، فمن هؤلاء ابن خلدون، فهو يرى أن هدف التربية تحقيق النفع الديني والدنيوي، وقريب من هذا ما قال بعضهم بأن الهدف النهائي من التربية الإسلامية هو الإعداد للحياة الدنيا والآخرة(3).

من خلال تلك الاتجاهات في أهداف التربية وجدنا الاختلاف كبيراً، ولهذا يجدر بنا أن نبحث عن أهداف وغايات التربية الإسلامية – والتي هي في نفس الوقت أهداف التربية في السنة –في ضوء مصادرها، لأن في ذلك إزالة للغموض،ومنعا للتداخل أو التناقض.


 

(1)    تجربة التربية الإسلامية في ميزان البحث ص 25-108، فلسفة التربية الإسلامية للدكتور عمر الشيباني ص 296-302.

(2)    انظر:خصائص مدرسة النبوة للدكتور كمال عيسى ص 56، في الفكر التربوي الإسلامي للدكتور لطفي بركات ص 125، لمحات في وسائل التربية الإسلامية للدكتور محمد أمين المصري ص 244، معجزة الإسلام التربوية للدكتور محمد أحمد السيد ص 30، منهج القرآن في تربية الرجال للدكتور عبدالرحمن عميرة ص 11.

(3)    أهداف التربية الإسلامية وغاياتها للدكتور قعداد يالجن ص25-26.



بحث عن بحث