مفهوم التوكل على الله 

من أهم الأعمال القلبية: التوكل، وهو من أعظم العبادات وأجلّ القربات، وأثره عظيم على الفرد في سائر شؤون حياته، وقاية من الآفات، وعلاجًا عند

وقوعها، واستقامة على الطريق المستقيم، وإنتاجًا في الحياة بما يعود نفعه في الدنيا والآخرة، ونفتتح الحديث عن هذه الشعيرة بما رواه الترمذي – رحمه الله – قال:

حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ سَعِيدٍ الْكِنْدِيُّ، حَدَّثَنَا ابْنُ الْمُبَارَك،ِ عَنْ حَيْوَةَ بْنِ شُرَيْحٍ عَنْ بَكْرِ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ عَبْدِ الله بْنِ هُبَيْرَةَ عَنْ أَبِي تَمِيمٍ الْجَيْشَانِيِّ عَنْ عُمَرَ بْنِ

الْخَطَّابِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ الله ﷺ: «لَوْ أَنَّكُمْ كُنْتُمْ تَوَكَّلُونَ عَلَى الله حَقَّ تَوَكُّلِهِ لَرُزِقْتُمْ كَمَا تُرْزَقُ الطَّيْرُ تَغْدُو خِمَاصًا وَتَرُوحُ بِطَانًا» (1).

مفهوم التوكل:

في اللغة: التوكل مأخوذ من (وَكَلَ) يقال: وَكِل بالله وتوكل عليه واتكل: استسلم إليه، والمتوكل على الله: الذي يعلم أن الله كافل رزقه وأمره فيركن إليه وحده ولا يتوكل على غيره.

ومن أسماء الله تعالى (الوكيل) أي: هو المقيم الكفيل بأرزاق العباد وحقيقته أن يستقل بأمر الموكول إليه.

وقد يأتي (توكل) بمعنى (تكفل) يقال: توكَّل بالأمر إذا ضمن القيام به، والله الوكيل هو الذي توكّل بالقيام بجميع ما خلق، الكفيل بأرزاقنا.

ويقال: وُكّلتُ أمري إلى فلان أي ألجأته إليه واعتمدت فيه عليه (2).

وفي الاصطلاح: هو الاعتماد على الله والثقة به والإيمان بأنه مقدر الأشياء ومدبر الأمور كلها مع النظر في الأسباب العادية من العبد وقيامه بها (3).

وهذا يعني أن محل التوكل هو القلب، لأنه إيمان وتصديق بأن الله تعالى هو النافع الضار، والمتصرف بأمور الدنيا والآخرة، الأمر الذي يجعل الإنسان يفوض

جميع أموره إلى خالقه سبحانه.

أما جوارح الإنسان فيظهر أثر التوكل عليها بصورة إيجابية حينما يأخذ بالأسباب المشروعة مع الاعتقاد القلبي أن الأمر كله بيد الله تعالى، ويظهر هذا الأثر

بصورة سلبية حينما يعطل الإنسان نفسه عن الحركة ويترك الأسباب، ثم يطلب من الله تعالى تدبير أموره وشؤونه.

----------------------------------------------------------------------------------

(1) سبق تخريجه.

(2) لسان العرب، مادة (وكل).

(3) فتح الباري (3/4).



بحث عن بحث