الوقفة الخامسة:

الزمن ميدان العمل

هذا الوقت الغالي ميدان العمل والتنافس أمرنا بتنظيمه على الواجبات والأعمال المختلفة: دينية ودنيوية حتى لا يطغى جانب على جانب، قال تعالى: ﴿ وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا...﴾ [القصص:77].

قال ابن سعدي رحمه الله في معرض تفسيره لهذه الآية: قد حصل عندك من وسائل الآخرة ما ليس عند غيرك من الأموال، فابتغ بها ما عند الله، وتصدّق ولا تقتصر على مجرد نيل الشهوات وتحصيل اللذات.

فعلى العاقل تنظيم وقته الذي هو عمره، يشير رسول الله صلى الله عليه وسلم  إلى هذا التنظيم فيما رواه ابن حبان في صحيحه عن أبي ذرٍّ عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قال: «كان في صحف إبراهيم عليه الصَّلاةُ والسلام: وعلى العاقل ما لم يكن مغلوبًا على عقله أنْ تكونَ له ساعات: ساعةٌ يُناجي فيها ربَّه، وساعةٌ يُحاسِبُ فيها نَفسه، وساعةٌ يتفكَّرُ فيها في صُنع الله، وساعةٌ يخلو فيها لحاجته من المطعم والمشرب...».

وهذا مثال لتنظيم الوقت وترتيبه، وحسن استغلاله وعدم تضييعه، بل وضرورة توزيعه على الواجبات والأعمال، والوقت قصير والواجبات أكثر منه، ولكن عند تنظيمه وترتيبه يبارك الله فيه.

وإليك مثالًا على ذلك:

  •  أن تعمل كل شيء في وقته: مثل أعمال اليوم والليلة كالصلوات الخمس، والاستغفار وقت السحر، وصلاة الضحى والوتر، وهكذا قم بها غير متأخر عنها ...
  •  عملك الوظيفي أو التجاري أو المعيشي أيًّا كان له وقته اليومي بضوابطه الشرعية، ومنها: عدم بخسه، وأداؤه على الوجه الأكمل، فعليك أن تقوم به محتسبًا فيه الأجر والثواب.
  •  الحقوق التي عليك، لوالديك، وأولادك، وجيرانك، وأقاربك، رتّب لها أوقاتًا يومية أو أسبوعية أو شهرية ونفّذ هذا الترتيب بدون إخلال.
  •  اجعل لنفسك مجالًا من المجالات الخيرية، طلب العلم الشرعي، الدعوة إلى الله، المشاركة في أعمال البر والإغاثة، النصائح الفردية، فإن لم تستطع أو تجيد مثل هذه الأعمال، خصّص أعمالًا تستطيعها: صيام ثلاثة أيام من الشهر، قيام جزء من الليل، الدعاء، الأذكار المطلقة والمقيدة، قراءة القرآن وغيرها من أبواب الخير الكثيرة.

هذه مجرد أمثلة على أعمالك التي تحتاج منك إلى ترتيب وتنظيم، فاترك الفوضى ورتّبها حتى تستثمر عمرك الذي هو ميدان عملك، وستجد الخير العظيم الذي يعود نفعه عليك في الدنيا والآخرة.



بحث عن بحث