الصدقات الجارية

7- ومما يطيل عمر المسلم ما يتصدق به من الصدقات الجارية، فمن وقف وقفا ينتفع به المسلمون فهو من الصدقة الجارية التي يؤجر عليها الواقف إلى ما شاء الله تعالى، وقد مرّ معنا حديث فيه بيان أن عمل ابن آدم ينقطع إلا من ثلاث... الحديث. وفي حديث آخر  عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم : «إِنَّ مِمَّا يَلْحَقُ الْمُؤْمِنَ مِنْ عَمَلِهِ وَحَسَنَاتِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ: عِلْمًا عَلَّمَهُ وَنَشَرَهُ، وَوَلَدًا صَالِحًا تَرَكَهُ، وَمُصْحَفًا وَرَّثَهُ، أَوْ مَسْجِدًا بَنَاهُ، أَوْ بَيْتًا لابْنِ السَّبِيلِ بَنَاهُ، أَوْ نَهْرًا أَجْرَاهُ، أَوْ صَدَقَةً أَخْرَجَهَا مِنْ مَالِهِ فِي صِحَّتِهِ وَحَيَاتِهِ يَلْحَقُهُ مِنْ بَعْدِ مَوْتِهِ».

وقد نظم السيوطي مجالات الوقف في الأبيات:

إذا مات ابن آدم ليس يجري
علوم بثها ودعاء نجل
وراثة مصحف ورباط ثغر
وبيت للغريب بناه يأوي
وتعليم لقرآن كريم

 
عليه من فعال غير عشر
وغرس النخل والصدقات تجري
حفر البئر أو إجراء نهر
إليه أو بناء محل ذكر
فخذها من أحاديث بحصر

وأفضل أنواع الصدقات أنفعها وأدومها، وهي الصدقات الجارية، ولا يتأتى هذا إلا إذا كانت تلك الصدقة مضمونة البقاء، تقوم على أساس، وتنشأ من أجل هدف محدد، وترمى إلى غاية شرعية خيرة. ومن أمثلة ما يوقف عليه: دور العلم، والمعاهد الشرعية، وطلبة العلوم الإسلامية القائمين على شريعة الله. والمستشفيات، ودار الأيتام، وفك أسرى المسلمين والمجالات كثيرة متعددة، بل الوقف لإقامة الجامعات والكليات الطبية والهندسية لكي يتخرج منها المسلمون ويقوموا بخدمة وطنهم وأبناء وطنهم.

ومن أنواع الوقف مع شيء من التفصيل:

1- الوقف لبناء المساجد ورعايتها والقيام بشؤونها امتثالًا لقول الله تعالى: ﴿إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلَاةَ وَآتَى الزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلَّا اللَّهَ فَعَسَى أُولَئِكَ أَنْ يَكُونُوا مِنَ الْمُهْتَدِينَ ﴾ [التوبة: 18].

وقول النبي صلى الله عليه وسلم : «مَنْ بَنَى مَسْجِدًا - قَالَ بُكَيْرٌ حَسِبْتُ أَنَّهُ قَالَ - يَبْتَغِي بِهِ وَجْهَ اللَّهِ بَنَى اللَّهُ لَهُ مِثْلَهُ فِي الْجَنَّةِ» .

ومن أجل أن يقوم الإمام والمؤذن بواجبهما على أفضل وأكمل وجه؛ يلحق بالمسجد سكن خاص بالإمام والمؤذن ويعتبر من ضمن مرافق الوقف وملحقاته.

2- الوقف على الجهاد في سبيل الله. قال صلى الله عليه وسلم : «مَنْ احْتَبَسَ فَرَسًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ إِيمَانًا بِاللَّهِ وَتَصْدِيقًا بِوَعْدِهِ فَإِنَّ شِبَعَهُ وَرِيَّهُ وَرَوْثَهُ وَبَوْلَهُ فِي مِيزَانِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ». وقد حبس خالد بن الوليد ا درعه وكراعه في سبيل الله، كما أن طلحة ا حبس سلاحه وكراعه في سبيل الله.

3- الوقف على المكتبات العامة كإنشائها وإيقاف الكتب الشرعية بها. وقد كانت الأمة الإسلامية تزخر بمثل هذه المكتبات في الشام والعراق والمدينة وغيرها.

4- إنشاء المدارس العلمية التي تكفل التعليم المجاني لأبناء المسلمين.

5- الأوقاف على أعمال الدعوة والدعاة والوعاظ؛ بما في ذلك توفير الرواتب والمواصلات والوسائل الأخرى التي تعينهم على أداء أعمالهم، وطبع الكتب والأشرطة وتوزيعها، وتعليم المسلمين الجدد والجهلة أمور دينهم.

6- الوقف على تطوير البحوث المفيدة والنافعة.

7- إقامة مراكز للمهتدين الجدد في آسيا وأفريقيا مثلًا.

8- الوقف على الجمعية الخيرية لتحفيظ القرآن الكريم التي نفع الله بها أبناء وبنات المسلمين.

9- بناء مراكز الأيتام ورعايتهم والعناية بهم.

10- إنشاء المراكز الطبية؛ خاصة ما دعت إليه الحاجة في هذه الأزمنة: كمستشفيات الأمراض النفسية، وعلاج أمراض الكلى والأورام الخبيثة، وعلاج أمراض القلق.

11- تعبيد الطرق وشقها وإنشاء القناطر.

12- حفر الآبار وإجراء الماء وقد قال صلى الله عليه وسلم : «من يشتري بئر رومة وأضمن له الجنة»: فاشتراها عثمان ا وجعلها وقفًا دائمًا على المسلمين وقرى المسلمين اليوم تحتاج إلى حفر الآبار، ومد الأنابيب، وتركيب المضخات.

13- إطعام الجائعين، وقد رأينا بعضهم في حال المجاعة يسقط ميتًا وهو ينتظر في الطابور ليأخذ وجبته من المؤسسات الخيرية.

14- الأوقاف على الدعوة عبر شبكة المعلومات «الإنترنت» وقد رأينا ثمرة الأعمال الدعوية عبر هذه الوسيلة العجيبة.

15- إقامة مصانع لتدريب المسلمين وتعليمهم مهنًا صناعية وإنتاجية تنفعهم.

16- الوقف على فك الرقاب، وإعتاق المسجونين الغارمين.. ﴿فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ ﴿11 وَمَا أَدْرَاكَ مَا الْعَقَبَةُ ﴿12 فَكُّ رَقَبَةٍ ﴿13 أَوْ إِطْعَامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ ﴾ [البلد: 11- 14].

17- إيقاف الأراضي على المقابر لدفن المسلمين بها.

18- شراء المصاحف وإيقافها في المساجد، في مختلف أنحاء الأرض. 



بحث عن بحث