القاعدة التاسعة:

التفاؤل والتوقع الحسن

التوقع لما سيحصل نوعان: إيجابي وسلبي.

إن توقعات الكثيرين في حياتهم تكون سلبية، بمعنى أنهم متشائمون في النظرة إلى أعمالهم وفي نتائجها، والمطلوب هنا:

التوقع الإيجابي الذي هو: التفاؤل بالنجاح أو توقع النجاح، وهذا يدخل في باب حسن الظن بالله والأمل فيه جل ثناؤه، بعد التوكل عليه والأخذ بالأسباب اللازمة لهذا النجاح، لأن حسن الظن بالله وتوقع النجاح من غير عمل وحركة هو انحراف في التفكير والتصور، لذا؛ كان على المريض أن يتداوى ويتعالج عند الطبيب حتى يقبل على الشفاء، رغم أن الله بيده مقادير كل شيء، وهو الشافي والكافي، قال النبي عليه الصلاة والسلام: «يا عباد الله تداووا فإن الله لم يضع داء إلا وضع له شفاء».

والتفاؤل بالنجاح والخير، بعد الأخذ بالأسباب، من العوامل التي تمهِّد الطريق لتحقيق النجاح على الواقع، وقد بشّر النبي الكريم عليه الصلاة والسلام بهذه الحقيقة في الحديث القدسي: «إن الله يقول: أنا عند ظن عبدي بي وأنا معه إذا دعاني».

أنموذج من التفاؤل :

إذا أمعن المؤمن في سيرة النبي صلى الله عليه وسلم، سيجد أنه عليه الصلاة والسلام كان لا يقطع الأمل بربه، ولا يعرف اليأس إلى نفسه سبيلًا، فقد كان مع صاحبه أبي بكر الصديق ط في غار ثور في طريق الهجرة إلى المدينة، ووقف المشركون على باب الغار، وخشي أبو بكر ط أن ينظر أحدهم إلى أسفل قدمه فيراهم، ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم بعث في نفس صاحبه الأمل بالنجاة والخلاص مما هما فيه، وقال: «ما ظنك يا أبا بكر باثنين الله ثالثهما».

وقال الشاعر:

ألا إنـمـا الـحيـاة تفــاؤل تفاءل تعش فـي زمرة السعداء

وهكذا كانت حياة النبي صلى الله عليه وسلم وخاصة في الشدائد، مما يعطي المسلم درسًا بأن يبني جميع توقعاته لأعماله: على التفاؤل والتوقع الحسن، وذلك بعد اتخاذ الأسباب اللازمة والممكنة والتوكل على الله تعالى.

التشاؤم :

إن مقابل التفاؤل وحسن التوقع بالنجاح والتفوق في الحياة يأتي التشاؤم والهلع من كل شاردة وواردة.

وكما أن الإسلام حرص على إذكاء روح التفاؤل في نفوس المؤمنين، فإنه حرص على نزع داء التشاؤم منها، قال الله تعالى: âوَلَا تَيْأَسُوا مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِنَّهُ لَا يَيْئَسُ مِنْ رَوْحِ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْكَافِرُونَá .

وقد ذمّ النبي صلى الله عليه وسلم التشاؤم الذي كان متغلغلًا في نفوس الناس وعقولهم في الجاهلية حين يرون غرابًا أو يستقبلون شهرًا أو شخصًا، بقوله: «لا عدوى ولا طيرة ولا هامة ولا صفر».

ومن هنا يجب على من يقبل لإنجاز أي عمل أو تحقيق أي نوع من النجاح والتفوق، أن يتوقع الخير في كل ما يقدم عليه.

عوامل تفعيل التفاؤل :

قد تتصادم القضايا والمسائل أمام الإنسان، فيحتاج إلى ما يعضده لتحقيق التفاؤل، ومن ذلك:

1 ـ يقين الإنسان واعتقاده بفهم الحياة، ودوره فيها، فالحياة مبنية على سنّة الأسباب والمسببات، وعلى الإنسان أن يقوم بدوره وفق هذه السنّة الكونية.

2 ـ تنمية العمل بالممكن من الأسباب، فلا يطلب المرء ما فوق طاقته وقدرته، أو خارجًا عن نظام الأسباب.

3 ـ استشعار الناجحين في الحياة ودراسة سيرهم، يزيد من العزم والتوقع الإيجابي.

4 ـ توسيع مفهوم دائرة النجاح، ولو كان المكتسب في نظر الناظر قليلًا، كأن يخطط أحدهم على المكسب المادي (100%) فحصل (30%) وهذا نجاح رغم أنه لم يكن حسب المتوقع.

5 ـ استشعار أن الأمور بيد الله وأن حسن الظن بالله يحقق ما فيه الخير والنجاح.

والخلاصة :

أن يبني المسلم نظرته إلى الأشياء على التوقعات الحسنة، وحسن الظن بالله تعالى، وقوة الرجاء بحصول المطلوب، ويكون ذلك بعد فعل الأسباب الممكنة، ووفق قدرات الإنسان، ويحاط كل ذلك بالتوكل على الله تعالى.



بحث عن بحث