خامسًا: قطرة الإحليل:
اختلف الفقهاء رحمهم الله في الحكم إذا قطر الصائم في الإحليل دهنًا أو ماء، على ثلاثة أقوال:
القول الأول: أن قطرة الإحليل لا تفطر سواء وصلت إلى المثانة أو لا، وهو رواية عن أبي حنيفة، وقول المالكية، ووجه عند الشافعية، وأكثر الحنابلة.
وعللوا ذلك بأن قالوا: لا منفذ بين المثانة والجوف، وإنما يخرج البول رشحًا كما يقول الأطباء. فهو منزلة ما لو ترك شيئًا في فمه.
القول الثاني: قطرة الإحليل تفطر إذا وصلت إلى المثانة وإلا فلا، وهو رواية عن أبي حنيفة، وبعض الحنابلة.
وعللوا ذلك بأن قالوا: يوجد بين الجوف والمثانة منفذ، ومن أجل ذلك يصعب على المرأة استمساك البول.
القول الثالث: إذا دخل شيء في الإحليل أفطر سواء وصل إلى المثانة أو لا، وهو أصح الوجهين عند الشافعية.
وعللوا ذلك بأن قالوا:
1- إن كل داخل إلى ما يقع عليه اسم الجوف يفسد الصيام
2- أن الإحليل منفذ يتعلق الفطر بالخارج منه فينطبق بالواصل إليه.
القول الراجح: الذي يترجح والله أعلم هو القول الأول القائل: أن قطرة الإحليل لا تفطر سواء وصلت إلى المثانة أولا، وذلك لأن العبرة في فساد الصوم هو الأكل والشرب أو فيما معناهما مما يغذي - كما سبق بيانه في الترجيح بين الاعتبارات - لا كما قال أصحاب هذا القول أنه لا منفذ بين المثانة والجوف.
ويجاب على أدلة المخالفين:
1- ليست العبرة بما يفسد الصوم هو والوصول إلى الجوف، أو إلى ما يسمى جوفًا؛ لأن ذلك لا دليل عليه، إنما العبرة بالأكل أو الشرب ؛ وهو الذي جاء به الدليل، أو ما يقوم مقامهما قياسًا عليه.
2- قياس الخارج من المنفذ بالواصل إليه من حيث حكم الفطر قياس مع الفارق. وذلك لأمرين:
1- أن ما يخرج رشحًا لا يعود رشحًا.
2- العبرة بالفطر هو: ما ورد عليه الدليل، لأنه يخرج من الإحليل المني والبول والأول يفطر بخلاف الثاني.