ثامنًا: السواك :

اختلف الفقهاء رحمهم الله في حكم السواك للصائم على أربعة أقوال:

القول الأول: يستحب السواك للصائم في كل وقت، ولا فرق بين الرطب واليابس، وهو قول الحنفية،  ورواية عن أحمدوهو اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية، واستدلوا بحديثين:

1- عن أبي هريرة ط عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لولا أن أشق على أمتي لأمرتهم بالسواك عند كل وضوء».

2- عن عامر بن ربيعة قال: «رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يستاك وهو صائم ما لا أحصي أو أعد».

ووجه الدلالة من الأدلة: أن النصوص الواردة في السواك مطلقة في كل وقت للصائم وغيره.

القول الثاني: يستحب السواك لصائم في كل وقت باليابس و المبلول ويكره الاستياك بالرطب، وإليه ذهب المالكية.

واستدلوا بعموم الأدلة السابقة الواردة في السواك، لكن قالوا يكره السواك الرطب؛ لأنه يتحلل فهو يعرض صومه للفساد.

القول الثالث: يستحب السواك قبل الزوال ويكره بعده، وإليه ذهب الشافعيةورواية عن أحمد، واستدلوا:

-  بما روى أبو هريرة t قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يعني قال الله: «كل عمل ابن آدم له إلا الصيام فهو لي و أنا أجزي به الصيام عنه جنة و الذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله يوم القيامة من ريح المسك، للصائم فرحتان إذا أفطر فرح بفطره، و إذا لقي ربه فرح بصومه».

وجه الدلالة: أن الخلوف، وهو تغير الفم لا يكون ذلك إلا بعد الزوال، واستطابته يدل على طلب إبقائه، فكرهت إزالته.

2- أن الأحاديث العامة في السواك محمولة على ما قبل الزوال؛ لحديث النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «إذا صمتم فاستاكوا بالغداة، ولا تستاكوا بالعشي، فإنه ليس من صائم تيبس شفتاه بالعشي إلا كان نورا بين عينيه يوم القيامة».

3- لأن الخلوف أثر عبادة مستطابة شرعا كدم شهيد.

القول الرابع: يستحب للصائم السواك باليابس قبل الزوال، ويباح بعده، أما الرطب فيكره، وهو رواية عن أحمد، واستدلوا بما استدل به أصحاب القول الثاني والثالث.

     القول الراجح: الذي يترجح والله أعلم هو القول الأول القائل: باستحباب السواك في كل وقت ولا فرق بين الرطب واليابس إلا أنه يجب على المستاك إخراج ما تحلل من مادة السواك وعدم بلعه ويعفى السير الذي يمكن التحرز منه.

وذلك: لعموم الأدلة الدالة على استحباب السواك، وضعف أدلة المخالفين.

ويمكن أن يجاب عن أدلة المخالفين:

أ- الرد على من قال بكراهة السواك الرطب:

1- أن النصوص الواردة في السواك عامة لا يجوز تقيدها بالري.

2-أن السواك بالرطب كالمضمضة والاستنشاق في الوضوء.

ب: الرد على من قال بكراهية السواك بعد الزوال أو عدم استحبابه:

1- حديث الخلوف يوجه: بأن الحديث دال على درجة الصائم عند ربه لا عين الخلوف، ويحمل الحديث على أنهم كانوا يتحرجون عن الكلام عن الصائم فمنعهم ذلك، كذلك: أن الخلوف لا يزول بالسواك لأنه من المعدة لا من الفم.

2- استدلالهم بقوله: «إذا صمتم فاستاكوا بالغداة ولا تستاكوا بالعشي» حديث ضعيف لا يحتج به.

 3- قياس الخلوف على دم الشهيد، أنه قياس مع الفارق فالخلوف أثر عبادة الأليق به إخفائه، ودم الشهيد أثر ظلم، يشهد لصاحبه يوم القيامة على خصمه.



بحث عن بحث