2 ـ الأجر العظيم للصائم:

قال تعالى: âوَالصَّائِمِينَ وَالصَّائِمَاتِ وَالْحَافِظِينَ فُرُوجَهُمْ وَالْحَافِظَاتِ وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا á [الأحزاب: 35]

وقال تعالى: âكُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ á [الحاقة : 24]

قال مجاهد وغيره: نزلت في الصوام، «من ترك لله طعامه وشرابه وشهوته عوضه الله خيرا من ذلك طعامًا وشرابًا لاينفد، وأزواجًا لا تموت».

وقال صلى الله عليه وسلم: «من صام رمضان إيمانًا واحتسابًا غفر الله له ما تقدم من ذنبه، ومن قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غفر الله له ما تقدم من ذنبه».

وإذا كان المؤمن قد ذاق بنفسه فرحة الفطر، عندما يسمع نداء الحق مرفوعًا بدخول وقت المغرب؛ فرحة واستبشارًا بإنهاء صيام يومه، وحلاوة الطعام والشراب حينما يكون لله، فليبشر بفرحة كبيرة ...وعظيمة .. حينما يلقى ربه فيفرح بلقائه ويفرح بعمله الصالح الذي وفقه الله له ..قال صلى الله عليه وسلم: «للصائم فرحتان فرحة عند فطره وفرحة عند لقاء ربه».

هكذا هي ثمرات الأعمال الصالحة، يذوق الإنسان حلاوتها وطعمها في الدنيا قبل الآخرة ..

وللصائم أجور مضاعفه، فكما أن  له أجر الصيام،فله أيضًا أجر الصبر ... فالصيام: صبر ..قال ابن رجب –رحمه الله – معلقًا على حديث: «كل عمل ابن آدم له حسنه بعشر أمثالها ....».

فعلى الرواية الأولى يكون استثناء الصوم من الأعمال المضاعفة،فتكون الأعمال كلها تضاعف بعشر أمثالها إلى سبعمائة ضعف إلا الصيام فإنه لا ينحصر تضعيفه في هذا العدد، بل يضاعفه الله –عز وجل- أضعافًا كثيرة بغير حصر عدد،فإن الصيام من الصبر، وقد قال الله تعالى: âإِنَّمَا يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ á [(الزمر : 10] .

وإذا جمع مع الصبر،شكر - شكر على التوفيق للطاعة، وشكر على النعم التي وجدها – فقد كمل شطر دينه الثاني ليجمع بين الصبر والشكر.

(والصيام سر بين العبد وربه، ولهذا يقول الله - تبارك وتعالى - كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به، إنه ترك شهوته وطعامه من أجلي ).

وفي الجنة باب يقال له (الريان) لا يدخل منه إلا الصائمون، فإذا دخلوا أُغلق فلم يدخل منه غيره .

وهو جُنة للعبد من النار كجُنة أحدكم من القتال،، وللصائم ميزات تظهر لمن رآه ...ومن عاشره ..فهو من الطاعات العظيمة التي يظهر أثرها على فاعلها، شامةً في دنياه وآخرته ...

يقول ابن عباس م : (إن للحسنة ضياء في الوجه، ونورًا في القلب، وقوة في البدن، وسعة في الرزق، ومحبة في قلوب الخلق، وإن للسيئة سوادًا في الوجه، وظلمة في القلب، ووهنًا في البدن، ونقصًا في الرزق، وبغضة في قلوب الخلق).

وفي أخراه: يميزه الله تعالى بين الخلق، كما يعرف المتوضئون بتحجيلهم. فالجزاء من جنس العمل!

قال أبو حاتم: (شعار المؤمنين يوم القيامة التحجيل بوضوئهم في الدنيا، فرقًا بينهم وبين سائر الأمم، وشعارهم في القيامة بصومهم طيب خلوف أفواههم أطيب من ريح المسك ليعرفوا من بين ذلك العمل، جعلنا الله تعالى منهم) .

وإن كانت تلك الرائحة كريهة للعباد، فرب مكروه عند الناس محبوب عند الله تعالى وبالعكس؛ فإن الناس يكرهونه؛ لمنافرته طباعهم، والله تعالى يستطيبه ويحبه لموافقته أمره ورضاه ومحبته،فيكون عنده أطيب من ريح المسك عندنا فإذا كان يوم القيامة  ظهر هذا الطيب للعباد، وصار علانية .

وإذا كان هذا هو الكرم الإلهي في مكافأة الخلوف، فكيف بما هو أشد كالجوع والظمأ، ومجاهدة النفس على فعل الطاعات، وترك المنكرات!

قال ابن القيم رحمه الله: )الصوم فناهيك به عبادة تكف النفس عن شهواتها، وتخرجها عن شبه البهائم إلى شبه الملائكة المقربين).



بحث عن بحث