الخطبة الثانية

   الحمد لله وكفى وسلام على عباده الذين اصطفى.

أما بعد، أمة الإسلام!

   إن الأمة الإسلامية في هذه المرحلة الحرجة – والتاريخ يعيد نفسه- أحوج ما تكون إلى الالتجاء إلى الله تعالى، والتوكل عليه، سبحانه، فهو- عز جاهه وتعالى سلطانه- المنجا والملتجأ لأوليائه المؤمنين، فهذا سيد المتوكلين ، ورسول رب العالمين محمد صلى الله عليه وسلم لما قيل له: إن الناس قد جمعوا لحربك، ما زاد على قوله: حسبنا الله ونعم الوكيل، (الذين قال لهُم النَّاسُ إنَّ النَّاس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم إيماناً وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل) (آل عمران: 173) ، فجازاهم الله على ذلك بأن كف شر عدوه وعدوهم (فانقلبوا بنعمةٍ من الله وفضلٍ لم يمسسهُم سوء واتَّبعوا رضوان الله والله ذو فضل عظيم) (آل عمران: 174) ، والدعاء أيها الأحبة ملجأ المظلومين، ومفزع المستضعفين، اسمعوا إلى ما قال الله، جل وعلا، عن طالوت وجنوده لما برزوا لجالوت وجنوده إلى أين ذهبوا وإلى من ركنوا؟ (قالوا ربَّنا أفرغ علينا صبراً وثبِّت أقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين) (البقرة: 250) فماذا كانت النتيجة؟ (فهزموهم بإذنِ اللَّه وقتل داودُ جالُوت وآتاهُ الله المُلك والحكمة وعلَّمه مِمَّا يشاء) (البقرة: 251).

أمة الإسلام!

   إن العرب حين ينسون مَعْقِدَ عزِّهم وعروةَ مجدهم، ويظنون أنهم يكونون شيئاً بغير الإسلام، لا نحسبهم إلا في ضيعة ونكسة، فالعرب في بعدهم عن الإسـلام لـن يكـونوا إلا صيداً سهلاً للحملة أعدائهم، وأما في الآخرة فحطب جهنـم ، والذين يقولـون بالقومية وبالعلمانية وبالاشتراكية والبعثية: ونؤمن بالإسلام، ونأخذ من ذاك كذا، ومن الإسلام كذا، ومن العلمانيـة كذا، ونظل مسلمين يخطئون في فهم الإسلام ويظلمون أنفسهم.

أمة الإسلام!

   في هذه الظروف العصيبة والأجواء المتكدرة، فقد آن الأوان وتأكد الوجوب على المسلمين أن يوحدوا صفوفهم، وأن يتركوا خلافاتهم، فليس هذا مجاله ووقته، فالأعداء الماكرون يعقدون مؤامراتهم وندواتهم، وينشئون المراكز والمؤسسات للمؤامرة على الإسلام وإبادة أهله، ونحن لا نزال نتنازع في أمر فرعية، ونتشاجر في مسائل اجتهادية!! ونتوجه بدعوة شباب الأمة بالصدق في موطنه، والإعداد والاستعداد لمواجهة عدوان الكافرين بتربية أنفسهم التربية الجادة والوعي الصادق والقيام بمسؤولياتهم امتثالاً وأن يفهموا واجبهم.

أمة الإسلام !

   وعلى التجار وأصحاب الأموال ومن آتاهم الله تعالى بسطة في المال والثروة أن يتقوا الله تعالى في الأمة ، فيدفعوا سهماً من أموالهم اتقاء بأس الذين كفروا وأعداء المؤمنين.

   فالله الله عباد الله! في تبصر أموركم، والوعي الوعي في ظروفكم وأحوالكم ومدارسة سنن الله التي لا تتخلف، ثم اعملوا وأبشروا، فكلما زادت الغيوم هطلت الأمطار، وأنبتت الأرض وازينت، عجّل الله الفرج والفجر، وأذل أهل النفاق والكفر.

    ثم صلوا على من أمركم بالصلاة والسلام عليه، حيث قال جل وعلا : (إنَّ اللَّه وملائكته يُصلُّون على النبيِّ يا أيُّها الذين آمنوا صلُّوا عليه وسلِّموا تسليماً). (الأحزاب: 56).



بحث عن بحث