ثالثاً: مما ينافي الإيمان والتوحيد:

قد وردت عدد من نصوص القرآن والسنة في بيان ما ينافي الإيمان أو يناقضه أو ينافي كماله، ومن هذه النواقض التي دلت عليها تلك النصوص:

1 – الشرك، وهو أن يجعل مع الله شريكاً في ربوبية وألوهية فيصرف العبادة أو نوعاً منها لغير الله تعالى كالدعاء والذبح والنذر وغيرها، أو في أسمائه وصفاته. وهذا الشرك أعظم مبطلات الإيمان، قال تعالى: ]إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ)  وقال تعالى : ]إِنَّهُمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ ) .

وقد بين أهل العلم أن الشرك قسمان: أكبر مخرج عن الله ، وهو ما ذكر، وأصغر، وهو ما يكون وسيلة إلى الشرك الأكبر كالرياء وانحراف مقصد العبادة ، قال عليه الصلاة والسلام : ( أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر قالوا: وما هو؟ قال صلى الله عليه وسلم:  الرياء) .

2 – الكفر، وهو الجحود، والمراد به جحد الإيمان بالله ورسله أو مما جاءوا به، وهو أنواع كما بين العلماء ذلك؛ كفر أكبر مخرج عن الإيمان، وأصغر وهو الكفر العملي، وهي سائر الذنوب والمعاصي مع وجود أصل الإيمان.

3 - النفاق وهو إظهار الإسلام وإبطان الكفر قال تعالى عن المنافقين:]وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ)   وهذا يسمى النفاق الاعتقادي، أما النفاق الآخر فيسمى النفاق العملي فهو لا يخرج عن الملة كما جاء في الحديث : (آية المنافق: إذا حدث كذب، وإذا اؤتمن خان، وإذا وعد أخلف).

4 - السحر والكهانة والعرافة ؛ويجمعها ادعاء علم الغيب والاستعانة بالشياطين في ذلك قال تعالى: ]وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلا تَكْفُرْ )  .

وقال عليه الصلاة والسلام : (من أتى كاهناً أو عرافاً فصدقه فقد كفر بما أنزل على محمد)  .

5 - الاستهزاء بالله تعالى أو برسوله صلى الله عليه وسلم  أو بشرعه وحرماته ، قال تعالى:]قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ* لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ )  .

6- الحكم بغير ما أنزل الله، قال تعالى: ]فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجاً مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيماً)  .

وقال سبحانه : ]وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ
الْكَافِرُونَ
)   فالحكم بما أنزل الله أمر واجب ، والحكم بغير ما أنزل الله ثلاث حالات:

الحالة الأولى: أن يستباح الحكم بغير ما أنزل الله، فهذا كفر مخرج من الإسلام.

الحالة الثانية: ألا يستباح لهذا الأمر ويُرى أنه محرم، وإنما فُعل لشهوة في نفس أو هوى أو بتأويل، فذلك لا يكفر صاحبه، بل هو صاحب كبيرة مثل السارق والزاني اللذان لا يستبيحان فعلهما ويعلمان بتحريمه ولكنهما يفعلان ذلك لشهوة عندهما .

الحالة الثالثة: أن يحكم بغير ما أنزل الله باجتهاد ولكنه لم يصب الحق فهذا مأجور على نيته لقوله صلى الله عليه وسلم  : (إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر)  .

7 - مما ينافي التوحيد أو كماله عامة الذنوب والمعاصي التي نهى الله سبحانه وتعالى عنها، سواء كانت من الكبائر أو أصر على الصغائر كما جاء في الحديث الصحيح : (ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا ينظر إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم: المسبل والمنان والمنفق سلعته بالحلف الكاذب)  .

وما جاء في الحديث الآخر : (اجتنبوا السبع الموبقات: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكل الربا، وأكل مال اليتيم والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات)  .

أو ما ذكر الله تعالى فيه وعيداً كالزنا وشرب الخمر والسرقة ، وأكل أموال الناس بالباطل، والتعامل بالربا وعقوق الوالدين ، وقطيعة الأرحام، وغيرها ، فهذه لا شك أنها تقدح إما في أصل التوحيد، وذلك إذا اعتقد حل ما حرم الله، أو تحريم ما أحل الله، وإما في كماله وذلك إذا قصّر في الواجبات أو عمل المحرمات مع إقراره بالحكم الشرعي بها .

فعلى العبد أن يحذر تمام الحذر الوقوع في هذه المناقضات والمنافيات لأصل التوحيد أو كماله ، سلمنا الله تعالى وإياكم من الوقوع في المهالك . 



بحث عن بحث