الوقفة الأولى:

في بيان الغريب من الألفاظ التي وردت في نصوص الباب.

(ولم يلبسوا): ولم يخلطوا.

(ألقاها إلى مريم): أي وجهها إلى مريم .

(وروح منه): أي صار جسده عليه السلام بالكلمة فنفخت فيه هذه الروح وهي من الله .

(أدخله الله الجنة): دخول الجنة إما دخول لا يسبقه عذاب، أو دخول يسبقه عذاب في النار لمن أنقص العمل الصالح وأكثر من السيئات.

(مالت): رجحت.

(عامرهن): ساكنهن.

(بقراب الأرض): أي ما يقاربها .

(خطايا): جمع خطيئة وهي الذنب.

الوقفة الثانية :

ذكر المصنف هذا الباب بعد ذكر التوحيد وأهميته ووجوبه على الخلق ليبين عظم فضل هذا الواجب الذي من قام به استحق الجنة، وأنقذ من النار فلا يخلد فيها.

بدأ بقوله تعالى: ]الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ) [الأنعام:82]. 

لما نزلت هذه الآية شق ذلك على الصحابة فقالوا: أينا لم يظلم نفسه ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم  إنه ليس الذي تعنون، ألم تسمعوا ما قال العبد الصالح: ]يَابُنَيَّ لا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ) [لقمان:13] إنما هو الشرك. فالظلم ثلاثة أنواع:

1 - أظلم الظلم أن يشرك الإنسان مع الله غيره في العبادة؛ كأن يدعو مع الله أو يدعو غير الله؛ فيطلب من صاحب قبر أن يرزقه أو يحل مصيبته وغير ذلك مما هو من الشرك . هو المراد من الآية .

2 - ظلم الإنسان نفسه بأن يصوم فلا يفطر أو يقوم فلا ينام، ويدخل في هذا أن يظلم نفسه بالذنوب والمعاصي . وهذا مراد الصحابة.

3 - ظلم الإنسان لغيره بالاعتداء عليه بالقتل أو أخذ المال بغير وجه حق.

والمقصود في الآية هو النوع الأول، ويشمل النوع الثاني بالتبعية وعليه فيجب أن يتنبه المسلم للابتعاد عن هذا الظلم العظيم.

الوقفة الثالثة : "لا إله إلا الله" معناها وفضلها وشروطها.

معنى لا إله إلا الله، لا معبود بحق إلا الله فالإله هو المعبود المطاع كما قاله ابن تيمية رحمه الله ولابد من تقييد المعبود بكلمة (حق) لأن المعبودات سوى الله كثيرة لكن المعبود بحق هو الله سبحانه.

ويظهر في هذا خطأ من قال: معنى الإله الخالق، فيجعل معنى لا إله إلا الله أي لا خالق إلا الله، وهذا في الحقيقة جزءٌ من معنى لا إله إلا الله، بل لو كان هذا المراد منها لكان كفار و مشركو مكة مؤمنين لأنهم يعترفون أن الله هو الخالق، ولكن المعنى الصحيح هو ما سبق ذكره .

وقد جاء في فضلها نصوص كثيرة ذكر المصنف رحمه الله بعضاً منها، وأورد هنا بعض ما ورد في فضلها، فمنها قول النبي صلى الله عليه وسلم  : (فإن الله حرم على النار من قال لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله).

ومنها حديث صاحب البطاقة حيث رجحت كفة الميزان التي فيها البطاقة ، وهي الشهادتان ، بالكفة التي فيها تسع وتسعون سجلاً من السيئات  ، وفي حديث الشفاعة ، أن الله يأمر أن يخرج من النار من قال لا إله إلا الله وفي قلبه مثقال دينار من إيمان  .

وأما شروطها فأولها: العلم بمعناها، واليقين بها، وأن يخلص لله بها، والصدق في قولها، والمحبة لها، والانقياد لما تقتضيه، والقبول بأن يتقبل كل ما جاء من أمر الله ويعمل به. 

الوقفة الرابعة :

حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال النبي صلى الله عليه وسلم  قال موسى : "يا رب علمني شيئاً أذكرك وأدعوك به" الحديث.

قول موسى : "يا رب كل عبادك يقولون هذا" المراد من قولـه أن يريد من الله أن يعلمه ذكراً يخصه به كما جاء في بعض روايات الحديث وليس المراد أنها كلمة هينة. وكيف تكون كذلك، وهو النبي المرسل، بل من أولي العزم من الرسل.

وهذا الحديث يدل دلالة عظيمة على فضل هذه الكلمة لأن الله سبحانه وتعالى أجاب موسى عليه السلام بهذه الإجابة القوية المتضمنة أن (لا إله إلا الله) ترجح بالسموات السبع والأرضين السبع.

الوقفة الخامسة:

دل حديث أنس رضي الله عنه على عدة أمور مهمة منها:

1- أن من مقتضى: لا إله إلا الله. عدم الشرك بالله عز وجل لأنه قال: ثم لقيتني لا تشرك به شيئاً.

2- أن من أسباب معفرة الله تعالى لذنوب العبد قول: لا إله إلا الله، بشروطها ومنها: عدم الشرك بالله عز وجل. ولو كانت هذه الذنوب ملء الأرض.

3- سعة فضل الله تعالى ورحمته بعباده أن جعل التوحيد سبباً لمغفرة الذنوب ولو كانت كثيرة.  



بحث عن بحث