الوقفة الأولى:

شرح مفردات الباب:

(لا تقم فيه) : أي لا تصلِ فيه .

(يحبون أن يتطهروا) : يشمل الطهارة الحسية في البدن والثوب والتنزه من النجاسات، وكذا الطهارة المعنوية بسلامة الصدر وقوة المراقبة لله .

(والله يحب المطهرين) : هذه المحبة التي أثبتها الله سبحانه لنفسه محبة حقيقية منه تبارك وتعالى للمطهرين، تثبت لـه من غير تشبيه لأحد من المخلوقين ولا تمثيل ولا تكييف لها ولا تعطيل لمعناها ، محبة تليق بجلاله وعظمته .

(بوانة) : مكان قريب من مدينة ينبع التي على البحر الأحمر بين مكة والمدينة .

(الوثن) : وهو ما عُبد من دون الله سواء أكان صورة أو غيرها .

(الجاهلية) : من الجهل ضد العلم، وهي عند الإطلاق بأل التعريف تعني ما كان قبل الإسلام .

(النذر): في اللغة : هو التكليف والإيجاب والإلزام، وفي الاصطلاح الشرعي: هو إلزام المكلف نفسه شيئاً لم يكن لازماً عليه بأصل الشرع . كأن يلزم نفسه بصلاة أو صدقة أو صيام غيرها لم يكن لازماً عليه بأصل الشرع.

الوقفة الثانية

 أورد المصنف هذا الباب - بعد أن قرر في الباب السابق أنه لا يجوز الذبح بغير الله - ليجيب عن سؤال وهو ما حكم الذبح لله في مكان يذبح فيه لغير الله ؟ والجواب عليه: أن هذا لا يجوز كما هو ظاهر من نصوص الباب .

فقوله تعالى: ]وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مَسْجِداً ضِرَاراً وَكُفْراً وَتَفْرِيقاً بَيْنَ الْمُؤْمِنِينَ وَإِرْصَادَاً لِمَنْ حَارَبَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ مِنْ قَبْلُ وَلَيَحْلِفُنَّ إِنْ أَرَدْنَا إِلا الْحُسْنَى وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ)، ثم قال بعدها : ]لا تَقُمْ فِيهِ أَبَداً)، سبب نزولها أن المنافقين بنَوا مسجداً لمضارة المؤمنين بعد أن بنى المسلمون مسجد قباء، وليقيهم من الحر والبرد والمطر، وطلبوا من رسول صلى الله عليه وسلم أن يأتيه ويصلي فيه ليلبسوا على الناس في ذلك، فنزلت هذه الآية على رسول صلى الله عليه وسلم بأن يلزم المسجد الذي أسس على تقوى الله، ولا يصلِّ في مسجد الضرار هذا، ثم إن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بهدمه، وفي هذه الآية دليل أن المكان الذي يقصد فيه غير الله سبحانه لا يتعبد فيه لله، حيث إن المسلم قد يفعل فعلاً صحيحاً بمكان أو زمان يُفعل فيه محرم، ولهذا قطع سبحانه هذا الاشتباه بتحريم هذا الفعل، فدل على أن الغاية المشروعة لا يتوصل إليها إلا بوسيلة مشروعة .

الوقفة الثالثة :

الحديث الذي ذكره المصنف في الرجل الذي نذر أن يذبح إبلا ببوانة يستنبط منه عدة فوائد منها :

-        حرمة التشبه بالكفار، ولو كان هذا التشبه بحسن نية: فالمسلم يجب عليه أن يعتز بدينه كما أعزه الله سبحانه ورضي لـه هذا الدين ففيه الخير والفلاح في الدنيا والآخرة، والتشبه بالكفار يكون بالاعتقاد مثل التشبه بالأعياد، ويكون بالسلوك غير السوى منهم، كالتشبه في الألبسة ولاسيما التي تحتوي على كتابات منافية للشرع، وكذا قصات الشعر وقد قال صلى الله عليه وسلم : (من تشبه بقوم فهو منهم) ، وكثيراً ما كان يأمر صلى الله عليه وسلم بمخالفة اليهود والمجوس والمشركين عامة.

-        البعد عن الوسائل المؤدية للشرك وسد هذا الباب ؛ لئلا يقع المسلم في شيء من الشرك.

-        جواز أن يُخصص مكان بالنذر بشرط ألا يكون في هذا المكان ما يمنع شرعاً من عمل المنذور فيه كأن يكون محلاً للمحرمات.

الوقفة الرابعة :

ينقسم النذر، من حيث الطاعة والمعصية إلى قسمين:

أ‌-     النذر لفعل طاعة: كقول الشخص: إن شفى الله مريضي فسأصلي لله عشر ركعات نافلة، أو إن نجحت في الامتحان فسأذبح ذبيحة لله وأوزعها على المساكين، فهذه الذبيحة وصلاة عشر ركعات نافلة ليست بلازمة عليه بالتكليف الشرعي لكنه ألزم نفسه هذا النذر فيجب الوفاء به لحديث النبي صلى الله عليه وسلم (من نذر أن يطيع الله فليطعه) ، والأمر يقتضي الوجوب على المكلف .

ب‌-   النذر لفعل معصية: كقول القائل: إن شفيتُ من المرض لأشربن كأس خمر أو لأشربن الدخان .

فهذا النوع لا يجوز الوفاء به لحديث الباب، ولحديث: (من نذر أن يعصي الله فلا يعصه) ، وقد قال بعض أهل العلم إنه يكفّر كفارة يمين تحللاً من هذا النذر .



بحث عن بحث