الوقفة الأولى: 

شرح مفردات الباب:

(الأوثان): جمع وثن وهو كل ما عُبد من دون الله .

(الجبت): كلمة عامة تقع على السحر وغيره .

(الطاغوت): كل ما عُبد من دون الله وهو راضٍ بالعبادة .

(وجعل منهم القردة والخنازير): أي مسخهم إلى قردة وخنازير.

(السنن): هي الطرق.

(القذة) : هي ريشة السهم.

(زوى لي الأرض): أي طواها وجعلها مجموعة.

(أعطيت الكنزين الأحمر): وهو كنز قيصر وهو ملك الروم لأن غالب كنزهم الذهب.

(والأبيض): وهو كنز كسرى ملك الفرس، وغالب كنزهم الفضة .

(ألا يهلكها بسنة عامة) السنة : القحط والجدب وعامة أي عموماً .

(وإذا وقع عليهم السيف): أي القتال.

(حتى يلحق حي من أمتي) الحي: المراد به الجنس وليس واحد الأحياء .

(فـئام) : جماعات .

الوقفة الثانية :  

مناسبة إيراد قوله تعالى: ]أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الكِتَابِ[   الآية في هذا الباب

لا تتبين مناسبة الآية إلا بحديث أبي سعيد رضي الله عنه "لتركبن سنن من كان قبلكم"

فإذا كان الذين أوتوا نصيباً من الكتاب وهم اليهود والنصارى يؤمنون بالجبت والطاغوت، وأن من هذه الأمة من يرتكب سنن من كان قبله، يلزم من هذا أن في هذه الأمة من يؤمن بالجبت والطاغوت، فتكون الآية مطابقة لترجمة الباب .

وهذه الآية وآية المائدة ، ]قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ( ذكرتا صفات أهل الكتاب فمناسبة الآيتين واحدة والله أعلم .

الوقفة الثالثة :   

سبب نزول آية النساء : ]أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتَابِ يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ وَالطَّاغُوتِ[   .

روى ابن أبي حاتم عن كرمة رضي الله عنه قال: جاء حيي بن أخطب وكعب بن الأشرف وكانا يهوديين إلى أهل مكة فقال أهل مكة لهما : أنتم أهل كتاب وأهل علم فأخبرونا عن أمر محمد؛ وهل ديننا خير أم دينه فقالا: أنتم خير وأهدى سبيلاً، فأنزل الله هذه الآية.

ولكن مَن الذين مسخهم الله إلى قردة وخنازير في آية المائدة : ]قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذَلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللَّهِ[ الآية.كلا المسخين كانا في اليهود، ولكن الخلاف من الذين مسخوا إلى قردة ومن الذين مسخوا إلى خنازير على أقوال منها :

1 - الذين كفروا بالمائدة التي أنزلت على عيسى مُسخوا إلى خنازير، وأصحاب السبت الذين حرم عليهم اصطياد الحيتان يوم السبت لما عصوا الله مسخهم إلى قردة .

2 - وقيل أيضاً إن أصحاب السبت مسخوا إلى خنازير .

3 - قيل إن الشباب مسخوا إلى قردة والشيوخ إلى خنازير .

الوقفة الرابعة : 

مع حديث أبي سعيد ، (لتتبعن سنن من كان قبلكم) الحديث

يبين النبي صلى الله عليه وسلم أن هذه الأمة سيكون منها من سيتبع اليهود والنصارى في أشياء كثيرة، منها ومن أجلّها اتباعهم في تعظيم الصالحين والغلو فيهم وفي اتخاذ القبور مساجد، وقد وقع هذا في بعض بلدان المسلمين وللأسف، وهذه معجزة من معجزاته صلى الله عليه وسلم حيث أخبر عن غيب وقد وقع، فأمر التقليد لم ينتهِ إلى هذا الحد فلو نزلنا إلى حياتنا العملية لوجدنا من أبنائنا من قلدهم في لبسهم وقصات شعورهم وبعض مظاهرهم ونحوها.

وهذا الحديث فيه إشارة إلى أن المسلم عليه أن يعتز بدينه ويعلم أن الله اختاره من بين هؤلاء الناس ليجعله مسلماً، وفي المقابل تجده ينزل من قدره ويقلد هؤلاء الكفار وللأسف الشديد .

الوقفة الخامسة :

مع حديث ثوبان: (إن الله زوى لي الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها) الحديث.

يخبر النبي صلى الله عليه وسلم أن الله طوى لـه الأرض وجمعها لـه فرأى مشرقها ومغربها، وأن ملك أمته يبلغ ما زوى لـه منها، وفي هذا بيان لقدرة الله، فأمره في (كن) فيكون .

ثم بعد هذا دعا الله أن لا يهلكها بسنة أي بقحط وجدب عموماً، وأن لا يسلط عليها عدواً من نفسها بل من سواها، فإن عدوها لو كان من نفسها لم تستطع التغلب عليه، فإن أفرادها إذا نحر بعضهم بعضاً سهل على عدوها هزيمتها والغلبة عليها، فمن سنن الله الكونية أن المتفرق يهزم ويكسر، والمجتَمع غير المتفرق لا يهزم وينصر بإذن الله، قال تعالى داعياً إلى الاجتماع: ]وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا[  .

وشاهد الحديث جاء في رواية البرقاني (ولا تقوم الساعة حتى يلحق حيٌ من أمتي بالمشركين وحتى تعبد فئام من أمتي الأوثان).

وذكر قبلها  أن القتل إذا وقع في هذه الأمة لن يرفع، وسيظهر كذابون يدعون النبوة، وهذه كلها نبوءات منه صلى الله عليه وسلم تدل على صدق نبوته.

ثم بشر باستمرار أهل الحق ولو كانوا قلة، واستمرارهم ماضٍ إلى يوم القيامة .

الوقفة السادسة :

أخطاء يجب على المسلم الحذر منها :

1 - على المسلم الحذر من تقليد الغرب الكافر في ما يخصهم، فإن النبي صلى الله عليه وسلمأخبر أننا سنتبع أهل الكتاب في أشياء كثيرة، ومن أعظمها الغلو في القبور وعبادتها .

2 - الحذر من الفرقة فإنها تضعف الأمة المسلمة وتقوي عدوها عليها، والاجتماع قوة وغلبة على العدو.

3 - في حديث أبي سعيد الخدري وكذلك حديث ثوبان دليل على صدق نبوة نبينا محمد صلى الله عليه وسلم فقد وقع بعض ما قال، نسأل الله أن يلطف بحالنا .  



بحث عن بحث